كشف الشاعر العراقي محمد جعفر الكناني انه يحضر حاليا لمعرض تشكيلي مشترك مع الفنانة التشكيلية التركية جولشين أنماك والذي سيعرض قريبا بالجزائر، في عمل فني يمتزج فيه الإبداع والتناغم بالألوان ويتوحد فيه معنى قصيدة ''ملائكة الروح'' التي كتبها الشاعر مع مملكة الألوان القادرة على إيقاظ الحواس في النفس البشرية، بتجليات صوفية ترتفع بأجنحة اللانهائي في العالم الغيبي اللاهوتي والتي أبدعت في تحديد ملامحه الفنانة التركية ''أنماك'' .
ذكر الكناني في تصريح خص به ''الشعب'' أن هذا العمل هو عبارة عن فلسفة فنية إبداعية تجسد من خلال الأعمال المنجزة، خصائص انطباع الإنسان الخيالي لتصل برؤيته الى عالم يمتزج فيه الفكر بأبعاده المتعددة والواقع الجميل من خلال معنى هذه القصيدة، حيث يظهر المشهد التشكيلي في لوحة تعبر فيها الروح الشعرية في طقس صوفي يضحى فيه الإنسان وهو يعي سر وجوده بإدراك قدرة الخالق وعظمته عبر إيقاظ الحواس في لحظة قلقة وهو ما تظهره القصيدة من خلال الأبيات التالية:
يقف الزمن
تحت سماء المدينة
مثقلا بالأحزان
أراه كما لا يراه أحد
ينتظر الرحيل خلسة
من حصار عيني صبية
فرضت طوقا حول المكان
وتتشكل مشهد هذه الأبيات من خلال جملة من الاضطرابات والقلق الذي ينطوي من خلاله التصور الروحي لفن إبداع الألوان والكلمات الهادفة لمغزى فريد يقترب من روح محاصرة تغادر مكانها التقليدي وهذا من خلال هذه الأبيات:
غادرت مخدعها المرتعش
في اهتزازات ليلة قلقة
تنذر النفس روحا
تطارد آثار الفجيعة
وخاتمة رحلة البحث عن معنى الأشياء التي فقدت شكلها وطعمها ولونها
لم يبق سوى مثوى
لركامات حطام ...
الأضواء انطفأت
والأماكن انكشفت
كبحر عتيق.
وفي هذا الإطار يقول الشاعر الكيناني انه مع مجرى انتقال القصيدة، يتجلى الشكل المرئي لبلوغ معنى الصفاء المنشود في قدرة خالق عظيم يرعى شؤون خلقه:
تتلو تراتيل الشمس
المستوطنة أبدا في عيني طفل
حملته الملائكة بعيدا
عن مكان مضطرب
ترك مهده فوق الأنقاض
ضميرا له اسم ومعنى
وذاكرة وجع لا ينسى.....
وعن الانتقال الفني التشكيلي، يضيف محدثنا، إن الأعمال الابداعية التي جسدتها لوحات الفنانة التركية جولشين أنماك تصبو الى مبادئ هندسية مقدسة يتجلى فيها الباطن مقاربا من مدارك الوعي الفكري الخالص كما تتوافق رؤى القصيدة مع المخيلة اللاهوتية الفلسفية لهذه الفنانة وهذا بغرض بناء معادلة فنية لا تترك الأشياء لمحض الصدفة العابرة في تجليات صوفية تتمثل لتعاليم السماء .
فالقصيدة أخذت جانب من التناغم-حسب الشاعر الكيناني- والتبادل الفني ما بين القصيدة كفن أدبي و اللوحة كفن تشكيلي فجاء التركيز على مقطع من القصيدة الشعرية ''روح الملائكة'' حيث قرأتها الفنانة التركية وأعطت لها بعدا جماليا امتزجت فيها الألوان من خلال التحديد باستخدام اللون الأزرق بتدرجه.
كما توحي الأبيات التالية الى مشهد جديد في عالم آخر لا يدرك الإنسان أن يحدد له شكل إلا في الخيال الروحي .
الزمن يحرق قارب الرحيل
يعانق الصبية ..
ينفض عنها غبار الفجيعة
فيمضيان معا
يخترقان حرائق الوهم المجنون
نحو المدينة يعيدان لها القها...
وعن الفنانة التشكيلية التركية جولشين أنماك، يقول الشاعر الكيناني، أنها تعرف الجزائر جيدا حيث شاركت في تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الاسلامية سنة ٢٠١١ و التي انبهرت بالأعمال الإبداعية الجزائرية والموروث الفني الذي تملكه.
أما آخر أعماله ذكر الشاعر الكيناني أنه بصدد التحضير لكتاب سيصدر في نهاية الشهر الحالي عن الفنان محمد راسم بعنوان ''محمد راسم روح الشرق للفن التشكيلي العالمي''، و هو أول كتاب يصدر عن الفنان راسم يحتوي على دراسة وبحث وتحليل لأهم أعماله والتعريف بإرث هذا الفنان الكبير.
كما يحضر الكيناني أيضا لعمل فني كبير وهو عبارة عن التزاوج بين اللوحة والقصيدة الشعرية ''التراجيديا البابلية '' و التي ستحول الى نص مسرحي تكتب بتقنيات العمل المسرحي.
عمل مشترك للفنانة التركية ''أنماك'' والشاعر العراقي الكيناني
تجـلي معنى القصيـدة في مملكة الألوان بتصورات صوفيـة
هدى حوحو
شوهد:1258 مرة