في الذكرى 48 لرحيل مفدي زكريـا

استحضار الدرر البهية في مسار شاعر الثورة الجزائرية

استحضر الجزائريون، أمس الأول الأحد، الذكرى 48 لرحيل الشاعر مفدي زكريا في السابع عشر أوت 1977، عن عمر ناهز التسعة وستين عاماً. وتشكّل الذكرى مناسبةً لاستحضار الدرر البهية في مسار شاعر الثورة الجزائرية الذي خلّد ملحمة الكفاح في عمله الشائق “الإلياذة”.  
في هذا الشأن، يشير المؤرخ محمد لحسن زغيدي، إلى الحس الوطني العالي لمفدي منذ صغره، وذلك بتأثير من عائلته. ويبرز زغيدي تكوين مفدي السياسي الثقافي الراقي الذي رسم توجهه، حيث استلهم أشعاره من التراث الجزائري الثري.
واعتبر زغيدي مفدي واحدا من الجيل الأول لمؤسسي الحركة الوطنية، مشيرا إلى أنه رغم حداثة سنه، واكب الإرهاصات الأولى لميلاد الحركة الوطنية الجزائرية، وهو من مؤسسي نجم شمال إفريقيا وحزب الشعب الجزائري، كما ساهم في النضال الوحدوي المغاربي، وجرى حبسه في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، ليلتحق غداة اندلاع ثورة التحرير الوطني بجيش التحرير.
وذكر زغيدي أنّ مفدي “ترك تراثاً غنياً يضمّ نخبة من الدرر”، على غرار الأغاني الثورية بالعربية الفصحى، ونصوصاً باللغة العامية. وقال إن دفاتر مفدي تحتفظ بأغانٍ وقصائد شعرية عن الحب، ونصوص مسرحية وأخرى تتناول مواضيع في السياسة، بالإضافة إلى نصوص نقدية.
من جهته، تناول الأستاذ أحمد بافضل حفيد الشاعر، رسائل مفدي لعائلته، وذلك أثناء تواجده بالسجون الاستعمارية أو خلال تنقلاته عبر العالم خدمة للقضية الوطنية.
وذكر بافضل أنّ الرسائل التي جمعها نجله سليمان الشيخ، نُشرت لأول مرة سنة 2022 بمناسبة معرض الجزائر الدولي للكتاب، وسلّطت تلك الرسائل الضوء على الجوانب العائلية في حياة مفدي وعلاقته مع أسرته. وهو “الجانب الخفي الذي لم تركز عليه باقي المؤلفات التي تناولت جوانب إبداعه الشعري والنضالي”.
بدوره، تطرق جابر باعمارة أمين عام مؤسسة مفدي زكرياء، إلى حرص الأخيرة على تبليغ رسالة شاعر الثورة، وقد ركّز على عمل المؤسسة الدؤوب على جمع تراث مفدي من مؤلفات ومخطوطات وتسجيلات صوتية، كما شدّد على التطلع لحفظ ابداعات شاعر الثورة للأجيال القادمة باعتبارها جزءًا من الذاكرة التاريخية الوطنية.
بدوره، أشار رئيس بيت الشعر الجزائري، سليمان جوادي، إلى أنّ مفدي زكريا يبقى أيقونة الشعر الثوري في العالم العربي، مشيرا إلى أنه أسهم في عودة الوعي من أجل مكافحة الاستعمار بقصائده الشعرية”.

مفــدي.. فــي سطـور

يُعتبر مفدي زكرياء شاعر الثورة الجزائرية، الذي خلّد تاريخ الجزائر في الإلياذة التي بلغت ألف بيت من الشعر. اسمه الحقيقي، زكري بن سليمان، وُلد في الثاني عشر جوان 1908 بأحد قصور بني يزقن في ولاية غرداية.
درس في كتاتيب مسقط رأسه، ثم واصل تعليمه بمدرسة العطارين والمدرسة الخلدونية في تونس، قبل أن يتخرج من الزيتونة، بدأ مفدي كفاحه السياسي مطلع ثلاثينات القرن العشرين، شعراً ونضالاً، ونشط بشكل فاعل في الحركة الوطنية الجزائرية.
اعتقل مفدي ثلاث مرات بين عامي 1937 و1946، وانضمّ إلى ثورة التحرير، بعدها، جرى اعتقال مفدي مجدداً، قبل أن يُسجن في بربروس عام 1955 وهناك ألّف نشيد “قسمًا”. ثم نجح مفدي في الفرار من السجن في الأول فيفري 1956، وساهم في تأسيس جريدة “المجاهد”.
تأثر مفدي بواقع الجزائر المثخن بجراح الاستعمار، فكان شعره سفيرًا تحرريًا للقضية الوطنية.
وظلّ يردّد: “أنا إن مت فالجزائر تحيا.. حرة مستقلة لن تبيدا”. كرّس مفدي الالتزام في دواوينه: “ظلال الزيتون” و«اللهب المقدس”، “من وحي الأطلس” وغيرها، تاركًا بصمته على الحياة الثقافية الجزائرية. وشارك بشكل فعّال في مؤتمرات الفكر الإسلامي، وألقى ديوان إلياذة الجزائر في ملتقى الفكر الإسلامي بالعاصمة سنة 1972.
حصل مبدع الإلياذة على العديد من الجوائز والأوسمة وشهادات التقدير، وفاضت أنفاس مفدي زكريا يوم السابع عشر أوت 1977 بتونس، ودُفن في بني يزقن بغرداية، حيث أوصى بتحويل بيته إلى مركز إشعاع علمي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19852

العدد 19852

الإثنين 18 أوث 2025
العدد 19851

العدد 19851

الأحد 17 أوث 2025
العدد 19850

العدد 19850

السبت 16 أوث 2025
العدد 19849

العدد 19849

الخميس 14 أوث 2025