تعيش السّاحة الابداعية في الجزائر موجة جديدة، بعد التحوّّل السّائد في الهجرة من كتابة الشعر إلى الرواية، الأمر الذي شكّل الاختلاف في تحليل أسباب هذا الوضع بين مؤيّد، معتبرا أنّ هذا التغيير في الجنس الأدبي شيئا عاديا، ومعارض يؤكد أنّ البحث عن الشهرة ومحاولة الوصول إلى تحقيق الجوائز و»البوكر» سبب ذلك.
«الشعب» ترصد هذه الموجة التي تطبع السّاحة الأدبية، بغية تحليل أسباب الهجرة من قبل الشّعراء أنفسهم، فكانت هذه الشّهادات الحية.
^ عزوز عقيل: «التحول كان لمّا قيل أنّ الشعر ولّى...والفشل كان النتيجة»
أكّد الشّاعر عزوز عقيــــل لـ«الشعب» أنّ الحركة الابداعية تمرّ حاليا بمرحلة جديدة، في ظلّ التحول السّائد من كتابة الشّعر إلى كتابة الرّواية.
وأوضح الأستاذ عزوز «بأنّ الكثير من الشّعراء قد تحوّلوا إلى كتابة الرواية» معيدا ذلك إلى عدة أسباب، منها أنّ العمل الروائي جامع لكل الفضاءات، وهو مجال أوسع ممّا يوفّره فضاء الشعر، الأمر الذي يسمح للكاتب أن يحرك أبطال عمله الأدبي وفق رؤيته بأزمة مختلفة، وهو ما يفتقد إليه الشعر من خصائص تخص الزمان والمكان.
وقال عقيل بأنّ هذه الميزات التي تتمتّع بها الرواية «جعلت الكثير من الشعراء يجرّبون هذا الجنس الأدبي، ولكن هذا مقتصر على مجموعة من الأدباء بينما هناك موجة أخرى من الأدباء فهم لا ينطلقون من فكرة ثابتة بل هم يتّبعون الموجة، فلما قيل أن الشعر تراجع وأن الزمن زمن رواية، راح الكثير من هؤلاء يجرّبون هذا الفن».
وكشف محدّث «الشعب» بأنّ الفشل صاحب هذا التحول من كتابة الشعر إلى الرواية، وقال أنّ «المتتبّع لهذه النخبة يجد أن القليل من هؤلاء الشعراء، الذين نجحوا في كتابة بعض الأعمال الروائية التي يمكن الوقوف عندها ولا تشعر بأنك تضيع وقتا في قراءتها. ومن بين الأسماء التي استطاعت عندنا في الجزائر أن تتحول من الشعر إلى الرواية أو بمعنى أصح أنها تزاوج بين النمطين، نجد الشاعرة ربيعة جلطي والشاعر أحمد عبد الكريم والشاعر يبرير إسماعيل وغيرهم».
^ لطيفة حرباوي: «هل تستحق النوبلات وبريق البوكر أن تخلع الشعر في عزّ البوح؟»
وطرحت الشّاعرة لطيفة حرباوي جملة من الاستفسارات، التي تصاحب هذا التحول من كتابة الشعر إلى الرواية، حيث ربطت ذلك بالنوايا التي تحاول أن تصل إليه هذه الفئة، التي تخلع الشعر من أجل الرواية.
وقالت حرباوي في سؤال وجّهته لجريدة «الشعب» بأنّه «هل تستحق النوبلات وبريق البوكر أن تخلع الشعر في عزّ البوح؟».
وأكدت الشاعرة بأنّ البحث عن الشهرة السبب الذي يقف وراء ذلك، بحكم أنّه قليلا ما تحتفل الجهات المنظمة بالدواوين، في إشارة إلى التمييز الحاصل بين الشعر والرواية.
وحاولت لطيفة حرباوي بأن تربط ذلك أيضا من وجهة تقنية خاصة، لدواعي فنية، أساسها المساحة التي توفّرها الرواية، الأمر الذي يتيح للكتاب أن يجد ضالّته في الكتابة السّردية من خلال تعدّد الشّخوص ودواعي أخرى.
وأوضحت محدثتنا بأنّ الجنس الأدبي لا يصنع وحده المجد، الذي يبحث عنه الكتّاب، وندّدت بهذه التصورات التي تزور المبدعين، قائلة: «وهل كان درويش يلهث وراء المنابر ليحظى بلقمة الحضور؟».
وبيّنت الشّاعرة لطيفة حرباوي بأنّ العيب ليس في التحول من كتابة الشعر إلى الرواية، وإنّما الأزمة تكمن في عقلية هذا الإقبال، الذي يتميّز بالمقاولاتية، قائلة: «ولكن ليس بعقلية المقاول، الذي يربط بمنطقة بيولوجي أن يستولي على الشاشات».
غليزان: ع ــ عبد الرحيم