ممّا لا شك فيه أن للإعلام دور كبير وتأثير بارز في المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية والتعليمية،لذا نجد العديد من الدول قد أولت اهتمامًا بالغًا بهذا الجانب؛ إذ خصّصت برامج تلفزيونية تهتم بتعليم العامة فضلا عن تعليم التلاميذ في أطوار التعليمية المختلفة، لقد اهتمت اليابان بهذا الجانب حيث جعلت برامج إذاعية وتلفزيونية تعلم علومًا مختلفة تمكن لأي شخص من التدرج في التعليم من خلالها حتى ينال شهادة الليسانس في بعض التخصصات، وجعلت هذا كله تحت اسم «جامعة الهواء»، ولقد خصّصت اليابان قنوات تعليمية تبث أسبوعيًا حوالي 52 ساعة تعليمية، وهذا ساهم في القضاء على الجهل والأمية وتثقيف المجتمع بكل فئاته.
وفي الولايات المتحدة الامريكية تولّت الفتاة التلفزيونية «ميد وست» في الموسم الدراسي 1961 - 1962 تعليم تلاميذ الامريكيين بعدما أثبت نجاعة هذا البرامج وجعلت على عاتقها الدخول إلى البيوت وتواصل مع التلاميذ ومذاكرة دروسهم عبر التلفزيون، وتوفير لهم الأساتذة أكفاء ومختصين للقيام بهذا الغرض.
كما نجد أيضًا في العالم العربي من سلك هذا المسك، إذ استفادت مصر من هذه التجربة العلمية التي سارت عليها العديد من الدول المتقدمة، فأوجدت حوالي سبع قنوات متخصّصة لتدريس الطلاب في كل قناة نصف طور تعليمي، لقد أوتيت هذه البرامج أكلها وأثرت على المستوى الدراسي بشكل ملفت للنظر.
وعليه متى ستحدث الجزائر مثل هذه البرامج الجديدة وتسعى في تطوير تعليم وتخلق برامجا هادفة وتجعل عجلة التعليم تسير قدمًا نحو مستقبل أفضل؟ ومتى يكون لنا قنوات تلفزيونية تترفّع عن سفاسف الأمور وتنظر بعيون الشفقة إلى أعمدة المستقبل ورجاء الأمة؟
في الواقع أصبحت القنوات الفضائية ملهيات وتعتمد على صرف الأولياء عن مهامهم التعليمة ومحاولة مذاكرة لأبنائهم دروسهم، وفي المقابل أصبح الكثير من الأولياء لا يشعرون بالمسؤولية تجاه أبنائهم إلا عندما تقرب فترة الامتحانات. مع العلم أن هؤلاء الأولياء لمّا يعودون من يوم طويل متعب تتعرّض لهم هذه القنوات ببرامج تأخذ اهتمامهم وتسلب منهم وقتهم ضاربين الصفح عن واجباتها الأبوية وحتى الزوجية.
أين مكانة الجزائر في هذه الصّيرورة؟
وعليه فيجب التركيز على العلم والتعليم في الجزائر والقضاء على الأمية التي تسعى الجزائر للقضاء عليها منذ الاستقلال، وبما أنه هناك قنوات عديدة تعلم الطبخ وتتفنن فيه، فلماذا لا يكون لنا قنوات تعلّم أبناءنا وتهتم بتغذية العقل لا البطن؟
أما الإعلام المقرون فيركز جهده بداية شهر جوان قصد لفت الانتباه إلى الحدث الابر،ز وهو شهادة البكالوريا دون التركيز على ما سبقه من سنوات ممهدة لها، ومن إعداد البرامج الداعمة للطلاب والطرقة الناجعة والفعالة لحل الامتحانات وتعليم ما يسمى بالوضعية الإدماجية بل ركّزت كل جهدها على ما يسمى بـ «العتبة» أو ذكر بعض المقترحات القليلة.
وعليه فيجب على الدولة الجزائرية أن تجعل قنوات تعليمية تسعى إلى القضاء على الجهل والأمية بالنسبة للذين لم يتعلموا، وخاصة النساء اللواتي لم يسعفهن الحظ في مواصلة تعليمهن فضلا عمّن لم تدخل للمدرسة إطلاقًا. وتسعى الجزائر أيضا إلى تعليم وتقوية التلاميذ في الاطوار التعليمية المختلفة، وتسخير طاقات هائلة لهذا الغرض والسير قدمًا في مواكبة العصر والتقدم بل لا ننسى حتى تعليم الطرق الحديثة للمدرّسين لأن الوضع تغيّر وأصبح للتدريس أسلوبًا مختلفًا على ما كان عليه من قبل، ومنه فلابد من التغيير الجذري لطرق التدريس والاستغناء عن الأساليب القديمة والتي لاتزال في مدارسنا.
إنّ الاعلام التلفزيوني والإذاعي اليومي والمكثف جد ضروري وهام للتلاميذ في مختلف الاطوار التعليمية، فيجب أن تولي الدولة اهتماما بالغا بهذا الشأن بفتح قناة تلفزيونية وإذاعية تكون أكثر نجاعة، مع توفير أساتذة أكفّاء لشرح المواد الدراسية من (رياضيات، فيزياء، علوم طبيعية وغيرها)، والتي تحتاج إلى شرح وتركيز مع جعل بالإمكان للطلاب التواصل مع الأستاذ عبر الهاتف أو وسائل الاتصال الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي المختلفة كما يجب استخدام الأعلام الألى في جميع المواد لتسهل ولخدمة التعليم، وجعل برنامج خاص لكل طور دراسي حسب ما يضعه المتخصصون من وزارة التربية.
وبما أنّ الجزائر تسمح للإذاعات التلفزيونية المستقلة فتح مثل هذه المشاريع، فلماذا لا يأخذ بزمام هذه المبادرة أناس أوفياء مخلصين، مع فرض الوزارة عليهم التقيد بتدريس المنهج الذي وضعته، لأن هذا يؤدي غرضًا جدّ فعّال وإلى مواكبة العصر ومجارات الدول المتقدمة. والتركيز على امتحان شهادة البكالوريا فلا بأس به إذ يعد أكثر أهمية كونه يخول للطالب بعد اجتيازه من دخول إلى الجامعة واختيار الذي تخصص الذي يرعب فيه.
قنوات تلفزيونية افتراضية وجامعات على الهواء في الواجهة
للاعلام دور مهم في التّنمية وتطوير التّعليم
ا - جودي عبد النور ماجستير في التاريخ الحديث والمعاصر جامعة عين شمس / مصر
شوهد:924 مرة