البروفيسور نورالدين ياسع، محافظ الطاقات المتجدّدة والفعالية الطاقوية لدى الوزير الأول لـ«الشعب»:

الجزائـر تأثـرت بالــتحــوّل المـناخي وتـعمـل عـلى تطـويــر اسـتغلال الطـاقـات المـتجــدّدة

حوار: سيف الدين قداش

يتحدّث البروفيسور نورالدين ياسع، محافظ الطاقات المتجدّدة والفعالية الطاقوية لدى الوزير الأول في حوار خاص لـ«الشعب»، عن دور الجزائر في حماية المناخ والبيئة، حيث أكد أن الجزائر كانت وما تزال عرضة للتحوّل المناخي ومخاطره، من خلال تعرّضها للحرائق والفيضانات، وتعرّض أمنها الغذائي لتحديات الجفاف وغيرها، منوّها بالدور الذي تقوم به السلطات لترقية استغلال وتصدير الطاقات المتجدّدة، والحدّ من الانبعاثات الملوثة للبيئة والحفاظ على التوازن الإيكولوجي.

- «الشعب»: كيف تصفون تجربة الجزائر في حماية المناخ والحدّ من التلوث البيئي، خاصة أنها إحدى الدول المتأثرة بهذا التحوّل، من خلال الحرائق والفيضانات؟
 نورالدين ياسع: بحكم موقعها الجغرافي والمناخي، تتعرّض الجزائر بصفة مباشرة للانعكاسات السلبية لتغيّر المناخ على حياة المواطنين، ومجمل نظامها البيئي. وقد تجلى ذلك، خصوصًا، في مجال الأمن المائي والغذائي والغطاء الغابي والتنوّع البيولوجي وحتى على المنشآت الأساسية. وهذا ما أكدته التقارير الأخيرة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ، وأمام هذا التحدي الكوني، قامت الجزائر بإعداد استراتيجيات ومخططات لمواجهة التغيرات المناخية وتكيّفت مع أثارها السلبية، منها المخطّط الوطني للمناخ وكذا مخطّط وطني ومخططات محلية للتكيف مع مخاطر التغيرات المناخية وتعزيز القدرة على مقاومة آثارها هي قيد الإنجاز.. وللجزائر تجارب رائدة في هذا الجانب مثل تنفيذ السد الأخضر، تحلية مياه البحر، والاستهلاك العقلاني للمياه.

- الجزائر تسعى إلى التخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة والاحتباس الحراري، والمحافظة على طبقة الأوزون والتوازن الإيكولوجي، ماهي أهم الإجراءات المتخذة في هذا الخصوص؟
 فيما يخصّ التخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة، رغم أن الجزائر تمثل أقل من 0.4 % من النسبة العالمية للحدّ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، تعمل الجزائر على المساهمة في الجهود الشاملة لخفض كمية الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، لاسيما من خلال انتقال طاقوي سلس، يرتكز على الفعالية الطاقوية وتنمية الطاقات المتجدّدة وتطوير الهيدروجين منخفض الكربون، والتنقل النقي والمستدام، وتحويل النفايات إلى طاقة، وجدير بالذكر بأن النظام الطاقوي الجزائري، يعتمد على الغاز الطبيعي الذي يعتبر مصدر نقيا للطاقة، وأقل انبعاثا للكربون مقارنة مع الطاقات الاحفورية الأخرى، فالجزائر تعمل كذلك على تصدير طاقة نظيفة إلى العالم، خاصة إلى أوروبا، وبالتّالي تساهم في خفض الكربون بصيفة غير مباشرة، كما يساهم برنامج التشجير والسد الأخضر في امتصاص الكربون، ومن جهة أخرى، الحدّ من التصحر وانجراف التربة.

- ماهي تحديات وتكاليف الاستثمارات الوطنية في الطاقات المتجدّدة، وما مدى مساهمتها في تعزيز نسبة إدماج الطاقات النظيفة بإزاء التقليدية؟
 الجزائر ترافع ليكون الانتقال الطاقوي عادلا ومنصفا، ومن هذا المنطلق، فإننا نصبو إلى انتقال طاقوي سلس ومرن يخص جميع القطاعات، ومختلف الاستخدامات، بالاعتماد على حزمة من المصادر يكون فيها الغاز الطبيعي مرافقًا وحليفًا للطاقات المتجدّدة، ويكون لهذه الأخيرة دورًا مُهمًا في تعزيز الأمن الطاقوي للجزائر على المديين المتوسّط والبعيد، ولبلوغ هذا الهدف، ينبغي التركيز على عوامل نجاح برامج الطاقات المتجدّدة، والمتمثلة أساسًا في الجوانب التقنية والمسائل القانونية والمالية، وكذا أنماط التمويل المبتكرة، وهذا ما تسهر المحافظة للطاقات المتجدّدة والفعالية الطاقوية على التأسيس له منذ إنشائها، وذلك بالتعاون مع كل المؤسسات والأجهزة المعنية.. بهذا الخصوص أيضًا، يجدُر التنبيه إلى أن العالم يشهد اليوم ديناميكية جديدة في تطوير الطاقات المتجدّدة، مما أسفر عن تراجع كبير لتكاليف إنتاج الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهو ما يتيح بيئة ملائمة تستطيع الجزائر من خلالها أن تلعب دورًا رياديًا في تحوّل النظام الطاقوي محليًا وإقليميًا بفضل توفرها على قدرات هائلة في هذا المجال، خاصة فيما يخصّ الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي الذي يجعل منها بلدًا محوريًا في منطقة البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا، زيادة على قربها من السواحل الأوربية. فإن الوقت قد حان لتسريع وتيرة المشاريع، خاصة مع الإرادة الكبيرة للسلطات العليا للبلاد في الدفع بمثل هذه المشاريع، وإحداث نهضة كبيرة بمجال الانتقال الطاقوي. حيث سيتم إنجاز 1000 ميغاواط سنويًا من الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى مشاريع أخرى خاصة بالإنارة العمومية، وتزويد هياكل الإدارة المحلية والمدارس والمناطق المعزولة بأنظمة الطاقة الشمسية، وتهجين محطات توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في المناطق الجنوبية، وهذا وفقا لخطة عمل الحكومة لتجسيد برنامج رئيس الجمهورية.. وفي هذا الخصوص، تُسهم المحافظة في تطوير الطاقات المتجدّدة وتفعيل النجاعة الطاقوية على المستويين الوطني والقطاعي، عبر تقييم السياسة الوطنية والوسائل المتاحة لتنفيذها، وكذا نتائجها، حيث تقوم بإنجاز تقارير دورية للتقييم والمتابعة، إلى جانب ذلك، تقدّم المحافظة خبرة ومرافقة تقنية ودعمًا فنيًا للقطاعات والدوائر العمومية من أجل تفعيل برامج الطاقات المتجدّدة وتسريع وتيرة إنجازها.

- ماهي المشاريع المستقبلية التي تسعى الجزائر إلى تطويرها من أجل تعزيز التوازن البيئي وسلامة المناخ؟
 بالإضافة إلى المخططات التكيّف مع المخاطر الناجمة عن التغيرات المناخية المتعدّدة والتي تشمل كل القطاعات، تعمل الجزائر على تطوير الطاقات المتجدّدة بوتيرة متسارعة وتطوير الهيدروجين منخفض الكربون، خاصة الهيدروجين الأخضر. وبالنسبة لهذا الأخير، فقد تمّ تنصيب فريق عمل وطني معني بإعداد الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين تطبيقًا لتعليمات السيد الوزير الأول، الذي كلّف وزارة الطاقة والمناجم بترؤس الفريق والتنسيق مع القطاعات والهيئات المعنية، من بينها محافظة الطاقات المتجدّدة والفعالية الطاقوية، فقد قام هذا الفريق بإعداد إستراتيجية وطنية واضحة المعالم في انتظار الموافقة عليه من السلطات العليا للبلاد، وتسمح هذه الاستراتيجية للجزائر بإطلاق قطاع الهيدروجين، مع الأخذ بعين الاعتبار كل مقدرات وإمكانات الدولة، إضافة إلى التطوّرات التي تحدث على المستويين الإقليمي والدولي في مجال الهيدروجين، خاصة الأخضر.. على اعتبار الهيدروجين ناقلًا للطاقة، وخاصة الأخضر، أي ذلك المنتج من مصادر الطاقة المتجدّدة (الحليف المثالي للطاقة الشمسية)، لأن فائض الكهرباء المنتجة من هذه الأخيرة، يتمّ استعماله في التحليل الكهربائي للماء ولإنتاج الهيدروجين، فالطاقة الشمسية إذن، هي مصدر لإنتاج الهيدروجين، حيث يمثل وسيلة لتخزين الطاقة الشمسية، وهذا ما يسمى بمبدأ «الطاقة للهيدروجين والهيدروجين للطاقة».. من جهة أخرى يمكن للهيدروجين أيضًا أن يكون مادة أولية لإنتاج الأمونيا الذي يمثل وقودا خاليا من الكربون، وكذلك الميثانول والوقود الاصطناعي.. وبالنظر إلى أن استخدام الهيدروجين كمصدر طاقوي صديق للبيئة يعتبر حديث العهد في أغلب الدول، فإن تطوير قطاع الهيدروجين بالجزائر يرتبط ارتباطًا وثيقًا بعملية الانتقال الطاقوي الذي نطمح إلى تحقيقه؛ لهذا نرى أن الهدف من هذه الاستراتيجية هو تطوير الهيدروجين على المديين المتوسّط والطويل، بحيث يصبح مكونًا أساسيًا في الحزمة الطاقوية التي يعتمد عليها النظام الطاقوي الجزائري، بما يضمن للبلاد أمنها الطاقوي على المديين المتوسّط والطويل، وكذا الخفض التدريجي للانبعاثات الكربونية في عدة قطاعات حيوية كالنقل والبتروكيماويات والصناعة، إضافة إلى تصدير كميات كبيرة منه إلى أسواق مجاورة واعدة، والمساهمة بالتالي في خفض الانبعاثات الكربونية على المستوى الإقليمي.. وراعت هذه الاستراتيجية كل الجوانب المتعلّقة بالتكوين وبناء القدرات والبحت العلمي والتطوير التكنولوجي والابتكار والتصنيع والتخزين والنقل والتوزيع، وكذا الجوانب التي تخصّ التنظيم والتشريع والسلامة والتدوير.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024