رئيس غرفة التّجارة والصّناعة والزّراعة بشمال لبنان:

فُرصة الالتفات إلى القضايا الإستراتيجية

حوار: جمال الدين بوراس

تطوير آليات ترسيخ قواعد الاستقلالية الاقتصادية

 يرى رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس ولبنان الشمالي، توفيق دابوسي، في حوار مع «الشعب»، أنّ التّحدّيات الاقتصادية العالمية الراهنة تستدعي توحيد جهود مختلف الدول العربية من أجل رفع حجم التبادل التجاري البيني، وتحقيق المقاربة التكاملية العربية التي تعتبر السبيل الفعلي لتحقيق نهضة العرب إنساً ومجتمعاً واقتصاداً، وهو ما يمكن أن يتجسّد خلال القمة العربية 31 بالجزائر، التي يأمل توفيق دابوسي أن تركز على القضايا الاقتصادية الإستراتيجية، على غرار رفع القيود والعقبات التنظيمية والإجرائية والإدارية أمام المبادلات التجارية، وكذا تعزيز مكانة القطاع الخاص في الاستثمارات العربية.

-  الشعب: ما الذي أبقى التّبادل التجاري بين الدول العربية ضعيفاً رغم العديد من الآليات التي وضعت لأجل ترقية التعاون الاقتصادي بينها؟ برأيك ما هي الحلول؟
 رئيس غرفة التّجارة والصّناعة والزّراعة بشمال لبنان توفيق دابوسي: يعد حجم التبادل التجاري العربي البيني من بين أضعف النسب في العالم، حيث تشير الإحصاءات أنّ نسبته لا تتجاوز 7 % في المائة مقارنة بـ 65 % بالمائة في أوروبا و49 % بالمائة بين دول القارة الأمريكية. ومن هذا المنطلق الإحصائي الدقيق، نجد أنّه من الواجب أن تكون هناك الرغبة والإرادة في صناعة القرارات السياسية الاقتصادية العربية الحقيقية من أجل العمل الحثيث على رفع حجم التبادل التجاري البيني بين الدول العربية، إضافة إلى ضرورة توفير البيئة المواتية والجاذبة للاستثمار التي تستدعي بطبيعة الحال إطلاق ورشة تحديث القوانين والبنى الأساسية لتجاوز الإجراءات الإدارية المعقدة الناجمة عن الروتين البيروقراطي المعروف.
 -  ما مدى قدرة دول المنطقة العربية على مواكبة الرّهانات الاقتصادية العالمية غير المسبوقة، خاصة ما تعلق منها بتبعات الأزمة الروسية ـ الأوكرانية، وما نجم عنه من تسارع لتطوير آليات الاستقلالية الاقتصادية وسبل تحقيق الأمن الغذائي والطاقوي بالأخص؟
 في الواقع إنّ مسألة تحقيق الأمن الغذائي والطاقوي تترافق مع تطوير آليات ترسيخ قواعد الاستقلالية الاقتصادية وسط النزاعات التي يشهدها العالم في أكثر من بقعة متوترة، بين هذا البلد وذاك، وهذه النزاعات المؤلمة تدفع بكافة المسؤولين إلى تضافر كافة جهودهم للوقوف على أهمية الترابط بين قطاعات المياه والطاقة والغذاء في المنطقة العربية من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهذا الخيار يستدعي بدوره العمل على وضع إطار لرؤية عربية مشتركة تقوم على مبادئ مقبولة من جميع البلدان العربية، وتساعد على تخطي الاختلافات في وسائل استثمار الموارد الطبيعية ورؤوس الأموال الاقتصادية والاجتماعية. ومن الضروري التركيز على نهج محوره الإنسان العربي لتلبية احتياجاته من خلال اكتساب أمن المياه والطاقة والغذاء بنفس القدر من الأهمية الترابطية والتكاملية.
-  كيف يمكن للقمّة العربية 31 أن تساهم في تذليل الصّعاب أمام مساعي تكثيف الاستثمارات العربية في المنطقة العربية؟  
 في الحقيقة والواقع، يعتبر المناخ الاستثماري في أي مجتمع من المجتمعات الركن الرئيسي لتحقيق نهضة وتطور هذا المجتمع أو ذاك في ظل وجود الجدية والصدق والإخلاص من قبل القائمين على أمور هذا المجتمع، والإنسان يسعى في المطلق ودائماً إلى الأفضل لأنّه يتطلّع لتحقيق الرفاه، ورفع مستوى المعيشة عن طريق زيادة مستوى دخله، لذلك فإنّ جميع البلدان لاسيما العربية منها تسعى لتحقيق معدلات نمو اقتصادي تفوق معدلات النمو السكاني فيها. ولن يتحقّق هذا إلاّ عن طريق زيادة الاستثمار، واستقطاب رؤوس الأموال لتوظيفها في مشاريع استثمارية كبرى داخل البلد المعني. وبالرغم من ذلك، فإنّ هذا الهدف الإستراتيجي يواجه الكثير من المعوقات والصعوبات التي تتجلى بعدة عوامل منها التقنية والبيئية والقانونية والتشريعية، إضافة إلى مجموعة من العقبات الاقتصادية والمالية الناجمة عن عدم وجود بيانات ومعلومات دقيقة عن الأوضاع الاقتصادية والظروف الاستثمارية الملائمة في بعض الدول العربية واحتكار القطاع العام في بعض دول المنطقة الكثير من الأنشطة الاقتصادية مما يعتبرها القطاع الخاص عقبة أمام تطلعاته، والتي تترافق مع مجموعة عقبات تنظيمية وإجرائية وإدارية، إضافة إلى مجموعة من العقبات السياسية والاجتماعية، وتتجلى مع الأسف بظاهرة عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات الأمنية التي تؤثّر بشكل مباشر على بيئة الاستثمار.
-  ما هي الفرص المتاحة أمام الدّول العربية خلال القمّة القادمة من أجل إعادة بعث فكرة التّكامل العربي؟
 من حيث المبدأ الإستراتيجي فإن التكامل العربي هو السبيل الفعلي لتحقيق نهضة العرب إنساً ومجتمعاً واقتصاداً، وهو الوسيلة التي لا غنى عنها قوامها الديمقراطية والشفافية والحكم الصالح الذي يضمن الحق لكل إنسان عربي في العيش الكريم والرفاه المادي والمعنوي، وبالتالي استكمال وتوسيع مشروعات التكامل لتشمل جميع البنى السياسية والثقافية والتربوية، فيتم التكامل والتقارب بين البلدان العربية، وتتعزّز معهما روح الانفتاح لتتوطّد معها العلاقات الاقتصادية العربية مع الكتل والتجمعات الأخرى في العالم، ويتوثق بالتالي التفاعل مع سائر الحضارات الإنسانية، ينهل منها ويغنيها. وقد رأت «الإسكوا» (لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا) في أحد تقاريرها، أنّ القوى العظمى في العالم وجدت أنّه من المفيد الدخول في تكتّلات إقليمية من أجل إدارة العولمة، وما ينتج عنها من تنافسية. أمّا البلدان العربية وبالرغم ما يتاح لها من مقومات التعاون والتكامل، ومنها اللغة المشتركة والإرث والتاريخ الحضاري، والثقافة المشتركة والتجاور المكاني، فهي لا تزال تواجه فرادى تحدّيات العالم الخارجي ومتطلّبات العصر المتزايدة، في ظل مخاطر جسيمة، مزمنة وطارئة تداهمها، وهي مع الأسف في مهب التشرذم والانقسام.
- ماذا تنتظرون من هذه القمّة؟
 أعتقد أنّ ما ننتظره نحن العرب من القمّة العربية 31 التي ستنعقد في الجزائر يومي 1 و2 نوفمبر القادم، هو أن يكون نصيبها النجاح في تعزيز الأمنيات الأساسية في توحيد الصفوف العربية، وتوحيد الموقف العربي في مواجهة كافة التحديات المحيطة بنا كعرب، والأهم أن تسجّل هذه القمة المنتظرة الالتفات إلى القضايا الإستراتيجية، وأن تتعزّز من خلال هذه النظرة الإستراتيجية مكانة القطاع الخاص في مجالات الاستثمار والتكامل الاقتصادي العربي لما له من دور حيوي مشهود له على صعيد الإنماء والنمو، وتطوير الحياة الاقتصادية العربية وتحديثها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024