الشاعر أمجد مكاوي لـ «الشعب ويكاند»:

الشعر دائما بخير.. لكن الشعراء ...

حوار: فاطمة الوحش

قال الشاعر امجد مكاوي في حوار خصّ به «الشعب ويكاند» إنه يحمل مشروعا شعريّا يتمنى أن يتمكن من تجسيده، وإنه لا يشغل نفسه بموضوع الشلليّة والمحسوبية في الوسط الثقافي التي جعلت كلّ من هبّ ودبّ يعتلي منصات الأدب، كما اعتبر ديوانه الأخير «ستة عشر شتاءً في شمس فبراير» بداية جديدة وبوابة لدخول تجارب كتابية أخرى. وأكد المتحدث، أنه لا الرواية تقرأ ولا الشعر يقرأ، وما يقال عن مقروئية الرواية على حساب الشعر لا يرقى ليكون نسبة تحدد صحة هذا الأمر.

الشعب ويكاند: بداية نودّ أن نعرف السيرة الذاتية للشاعر امجد مكاوي والانسان؟
الشاعر أمجد مكاوي: في الحقيقة أخجل جدا ممّا يسمى «السيرة الذاتية»، أعتقد أنها شيء كبير جدا خاصة عندما يتعلق الأمر بالإبداع، وهذا ما جعلني أشعر أني صغير جدا أمام السؤال عن السيرة الذاتية، ولكن من باب التعريف عن النفس لا من باب ذكر السيرة، فلا بأس: أمجد مكاوي 39 عاما من ولاية الجلفة، صدرت لي ثلاث مجموعات شعريّة آخرها قبل أيام فقط: «يكفي القليل من الصمت» 2013 عن دار فيسيرا، «كأوّل الخريف» 2016 عن دار ميم، و»ستة عشر شتاء في شمس فبراير» 2022 عند دار فهرنهايت.
ليتك تحدثنا عن تجربتك الشعرية، وعن القصيدة الأولى.. لماذا اخترت الشعر دون غيره من الأجناس الادبية؟
الشق الأول من هذا السؤال هو الآخر يجعلني في ورطة وفي خجل، أستحي أن أقول تجربتي الشعرية وأنا لازلت أبحث عن القصيدة، لا أعتقد أنّي وصلت لمرحلة يمكنني الحديث فيها عن التجربة وإن كنت قد كتبت مئات القصائد ونشرت ثلاثة دواوين، فهذا لا يعني أنّي أمتلك تجربة شعرية لأتحدث عنها وكأنها شيء مكتمل، لكن يمكنني أن أتحدث عمّا أكتب فيه، في الحقيقة بدأت أولى محاولاتي الشعرية منذ سنوات ولم تكن تلك المحاولات بتلك الجديّة المطلوبة سواء على مستوى الشكل أو على مستوى اللّغة، ثمّ بدأت بكتابة القصيدة العمودية إلى أن انتقلت لكتابة قصيدة التفعيلة ونشرت ديوانيّ الأولين بمجموعة من قصائد التفعيلة، إلى غاية أن بدأت أخوض تجارب في قصيدة النثر وديواني الأخير جاء مجموعة من قصائد النثر. وبالنسبة لسؤالك عن سبب اختياري للشعر دون غيره من الأجناس الأخرى، فلا أعتقد أني اخترته بمفهوم أن الخيار هو مساحة من الحريّة، كما أني لا أعتقد أن الشاعر يختار كتابة الشعر، الشاعر إما شاعرا وإمّا لا، لو كنت روائيا كان يمكن أن أجيبك لماذا اخترت الرواية ولم أختر القصة أو المسرح أو غيرهما، لكنّي شاعر وليس لي في هذا شيء من الاختيار.
ماهي الرسالة التي تسعى إلى إيصالها من خلال دواوينك وقصائدك؟
لا أسعى لأوصل شيئا، كلّ مسعاي في كتابة الشعر أن أبقى مستطعما للجمال وعاملا به، وأحاول من خلاله أن أبث من هذا الجمال شيئا، بالنسبة لي أن أكتب الشعر فهذا أنبل أمر قد أصل إليه في حياتي وهذا كلّ مبتغاي.
صدر لك مؤخرا ديوان شعري يحمل عنوان: «ستة عشر شتاءً في شمس فبراير»، هل لك أن تحدثنا عن هذا الديوان وماذا أضاف إلى تجربتك الشعرية؟
نعم، صدر منذ أيام فقط عن دار «فهرنهايت»، وهو كما سبق وقلت لك، ديواني الثالث. جاء هذا الديوان في حوالي 105 صفحة، في شكل قصائد يجمعها عنوان واحد «ستة عشر شتاءً في شمس فبراير» كتبتها خلال الأربع سنوات الماضية، خضت فيها أشكالا جديدة ولغة جديدة عمّا سبق لي كتابته، محاولا أن أجدد فيها أدواتي وأسلوبي، وتتنوع قصائد المجموعة بين الذاتيّ ومرآة الآخر، في الحقيقة هي تجربة جديدة بالنسبة لي أن أكتب على هذا الشكل لهذا أنا لا أعرف ما مدى الفرق بينها وبين ما كتبته وما مدى مستواها جماليا، وأنتظر أن تُقرأ لأكتشف نفسي مجددا من خلال القرّاء.
ما رأيك في الغموض الذي يجعل بعض النصوص الشعرية تستغلق على القارئ؟
لست مع هذه الفكرة إطلاقا، ثمة غموض غير مبرر على الإطلاق يعتقد من يكتب به أنه نقطة قوة، بينما أراه ضعفا كبيرا، القارئ يريد شيئا يستمتع به ويتمكن من التواصل معه لا شيء يجعله ينفر، وهذه واحدة من أزمات الشعراء، نحن الآن في عصر يمكنك أن تحصي في يومياتك مئات وسائل المتعة والرفاهية وعلى الشعر أن يكون واحدا من هاته الوسائل، لا أن يكون شيئا منفرا بما يُكتب من أشياء مبهمة أحيانا لا يفهمها حتى من كتبها.
ما مكان المرأة ومكانتها في أشعارك؟
وإن كانت تغيب في لغتي ومفرداتي، إلا أنّها تحضر في خيالي، وتحضر بين الكلمات في القصيدة، لا يمكنني أن أكتب دون ملهمتي، أمّا إن كنتِ تقصدين المرأة كقضية في شعري، فأنا أعتقد أن كتابة الشعر في حد ذاتها تكريم للمرأة، أن تجد المرأة شاعرا فلا شك أنها وجدت نفسها ووجدت ما يبعث فيها الجمال ويدافع عنها.
هل تعتقد أن أنثى اليوم تقتنع بقصيدة شاعر بقدر اقتناعها بأغنية لأحد الفنانين المعروفين اليوم؟
(يضحك ويجيب)، علينا أن نقول الحقيقة، لكلّ شيء مكانته، بالنسبة لي لا تجعلني إطلاقا فكرة أن تكون هناك أنثى تفضل أغنية عن قصيدة، ربما فضلتها، لأنها لم تجد ما يعبر عنها في القصيدة ووجدته في الأغنية وفي النهاية كلاهما وجد ليبعث البهجة والمتعة، كما أنّي على الأقل بالنسبة لي هناك من تفرح بما أكتبه من شعر وتقدّر هذا.
ما رأيك في الظاهرة التي استفحلت على الساحة الأدبية، حيث نجد بعضا ممن يطلقون على أنفسهم شعراء يحاولون تسلق الدوحة الأدبية بشتى الطرق، فيحشرون أنفسهم في كل نشاط أدبي لتسويق بضاعتهم، وحتى منهم من هو مصاب بإسهال شعري، فيطبع كل شهرين أو ثلاثة ديوان شعر جديد؟
هذا موضوع كبير وطويل وشاسع ولا يسعنا المقام لنتحدث فيه بتفاصيله، لكن سأختصر المشكلة كلها في التنظيمات الثقافية البائسة التي فتحت هذا الباب من خلال الشللية ومن خلال المحاباة ومن خلال أغراض أخرى دنيئة يتبرأ منها الإبداع، هؤلاء الذي ينظمون ملتقيات وأمسيات وما إلى ذلك هم سبب تفشي هذا الوهم واستفحاله، لكن الزمن ذكيّ وسيصدم كلّ موهوم وسيعاقب كلّ من تسبب في هذه الظواهر والأوبئة.
هل الشعر بخير في ظل هيمنة الرواية؟ خاصة وأننا نرى مؤخرا كوكبة كبيرة من الشعراء اتجهوا إلى كتابة الرواية، فهل يمكن أن يفاجئنا أمجد مكاوي بنص روائي؟
الشعر دائما بخير وخارج دائرة الموت والأمراض، الأصح هو هل الشعراء بخير؟ لا ليسوا بخير، تاهت بهم السبل وأصابهم الذعر ولم يثقوا بالشعر بشكل تام، أما من يقول أنه زمن الرواية ومقروئية الرواية فبودي أن أخبرك أنه لا الشعر يقرأ ولا الرواية تقرأ، ثمة مودة وهي زمن الصورة، وهذا يجعل الرواية تبرز على حساب الشعر وفقط، الشعراء تخلفوا عن الصورة فظهر الأمر كأن الشعر انتهى وانتهت نجوميته، نحن عرب أصلنا الشعر وسنبقى شعراء وسيبقى الشعر، هذا لا يعني أن الرواية لا شيء، بالعكس الرواية فن رائع وممتع، وليس من السهل كتابته، أنا الآخر منذ سنوات أحاول أن أكتب رواية، لكن مشروعي في الشعر وليس في الرواية.
كلمة أخيرة تحب أن تقولها؟
أشكر جريدة الشعب على هاته الفسحة الثقافية، أتمنى أن يجد ديواني «ستة عشر شتاءً في شمس فبراير» قبولا عند القراء، وفي الأخير بودي أن أشكر دار «فهرنهايت» وعلى رأسها الصديقين المبدعين «أخيل تلي» و»صادق فاروق» على التفاني في العمل وحسن المعاملة واحترام المبدع في زمن يأنف الناشر فيه من نشر الشعر متحججا بأن الشعر لا يباع على اعتبار أنّه اكتسب ثروة من بيع الرواية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024