بشيري عبد الرحمان، أستاذ بجامعة الجلفة ورئيس اللّجنة الوطنية الأكاديمية لتعديل ومناقشة الدستور

مشـروع تعديـل الدّستـور الجديد أعـاد للدّستـور قيمتـه القانونيــة

حوار: سارة بوسنة

يرى الدكتور بشيري عبد الرحمان، أستاذ بجامعة الجلفة، ورئيس اللّجنة الوطنية الأكاديمية لتعديل ومناقشة الدستور، أنّ مشروع تعديل الدستور الجديد أعاد للدستور قيمته القانونية، وجسّد لفكرة أن الدولة تستمد مشروعيتها من الإرادة الشّعبية لا غير.
-  الشعب ويكاند: تقرّر إجراء استفتاء على تعديل الدستور في أول نوفمبر، ماذا يحمل هذا الإجراء من مدلول في هذا الشّأن؟
  الأستاذ بشيري عبد الرحمان: إجراء الاستفتاء حول مراجعة الدستور المنتظر يوم الفاتح من نوفمبر له رمزية ودلالات تاريخية ووطنية ووجودية بالنسبة لنا كجزائريين، لأن هذه المناسبة ليست كبقية المناسبات، فهي تعني لنا بداية نهاية الحقبة الاستعمارية الفرنسية الغاشمة، التي راح ضحيتها شهداء قدّموا أرواحهم فداءً لهذا الوطن المفدّى.

-  مسودة تعديل الدستور تضمّنت مكتسبات وإجراءات للجزائر الجديدة، ما هي؟
 المكتسبات والإجراءات التي تضمّنها التعديل الدستوري الجديد جاء استجابة لنداءات الحراك الشعبي المبارك، والهبة الشعبية التي بعثت الروح الوطنية في المجتمع الجزائري بمختلف مقوماته ومؤسساته، وبعد التظافر بين المؤسسة العسكرية الممثلة في الجيش الوطني الشعبي وشرائح المجتمع بمختلف أطيافه ومستوياته.
تأتي مرحلة أخرى من أهم مراحل إعادة الحياة المؤسساتية للدولة الجزائرية، وهي مرحلة الاستفتاء على الدستور وتضبط من خلاله كل المقومات الحضارية والهيكلية للدولة الجزائرية الجديدة.
أما أهم الاجراءات المميزة لهذا الدستور في رأينا، أنها أعادت له قيمته القانونية والمتمثلة في تمريره على الشعب صاحب السيادة خلافا لآخر تعديل في الحقبة الماضية، لأنه مرر على المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمن مجتمعين دون الأخذ برأي الشعب.

- وثيقة تعديل الدّستور مرّت بمناقشات، هل ترونها كافية للتّوصّل إلى مشروع قانون متكامل؟
 إن مسودة الدستور مرت عبر مناقشات وإثراء في دوائر عديدة، من ضمنها أحزاب وجمعيات وشخصيات وطنية وسياسية، ونخب علمية من دكاترة وأساتذة ومختصين في الميدان ادت الى تلاقي افكار ورؤى وتوجيهات سياسية وقانونية تفضي الى جمع اكبر قدر من الآراء، لا نقول انها كاملة لكن نرى أنها أعطت فرصة اكثر واشمل وانسب، كانت مفقودة طيلة التعديلات السابقة.

-  من بين الدوائر التي اهتمت بالموضوع الاتحاد الوطني للدكاترة والباحثين الجزائريين، بماذا خرجت اللقاءات التي عقدتموها من اقتراحات؟
 من بين المنظمات التي راسلتها الرئاسة لمناقشة وإثراء مسودة تعديل الدستور، منظمتنا اتحاد الدكاترة والباحثين الجزائريين والتي أسندت لي مهمة انتقاء الأساتذة والدكاترة المختصين في الموضوع عبر كامل جامعات البلاد، بداية من اختصاص القانون الدستوري ثم العلوم السياسية والحقوق والعلوم الاجتماعية وغيرها من الاختصاصات ذات الصلة.
ورحّب جميع الأساتذة والذين بلغ تعدادهم أكثر من 120 استاذ، وناقشوا جميع فصول ومحاور مسودة مراجعة الدستور من إضافة أو تعديل أو اقتراح أو تبديل من وجهة نظر كل أستاذ من المنظورين القانوني والسياسي.
أما الاقتراحات التي اقترحناها كلها كانت موضوعية وعملية، وتم تسليمها للجنة مراجعة الدستور على مستوى رئاسة الجمهورية.
- الملاحظ أن دساتير الجزائر تأتي خلال مرحلة طوارئ لعلاج أزمات، هل ترون أنّ دستور 2020 يؤسّس لاستقرار سياسي نهائي؟
 آخر تعديل للدستور لم يكن في فترة طوارئ، غير أنّنا نأمل أن يرسي هدا التعديل معالم جزائر جديدة، تضع حدا لكثرة التعديلات ويكون فيه استجابة لتطلعات وآمال الجماهير التي خرجت في الحراك المبارك وتؤسس به مقومات نهضوية وحضارية للدولة الجزائرية المنشودة.

-  الملاحظ أنّ التّغيير من أجل التوصل إلى دستور توافقي ورد بقوّة في المناقشات، ماذا يحمل هذا الاتجاه من مضمون؟
 التّغيير من أجل الوصول إلى دستور توافقي هو ذلك الدستور الذي يجمع ولا يفرق، الذي يبني ولا يهدم، الذي يرضي جميع الأطياف السياسية باختلاف مشاربها ومكوناتها، حيث تكون الأغلبية والأقلية المعارضة والموالاة كلهم يسعون نحو هدف واحد وهو الجزائر فوق كل اعتبار، يبعدون كل الأهواء والحساسيات والنزعات الفكرية والإيديولوجية او القومية وراء ظهورهم، وتكون غايتهم شجرة الوطن التي يستظلون تحت ظلها وتكون ثمرة هذه الشجرة لأبناء الوطن.

-  الرّهان على دولة المؤسّسات حاضر بقوّة في وثيقة تعديل الدّستور، هل هي مرحلة حاسمة لاستكمال مسار الدولة الوطنية؟
 نأمل أن يكون الدستور الجديد دستور مؤسّسات وليس أشخاص يؤسّس لدولة حديثة يكون فيه الفصل بين السلطات فعلا لا قولا، وأن يفصل بين المال الفاسد وبين السياسة، وتفعيل رقابة البرلمان على عمل الحكومة، إضافة إلى اقتراحات معروضة بجميع محاور وفصول مشروع التعديل الدستوري، حيث نأمل ونتوق إلى أن يؤسّس الدستور القادم لمرحلة حاسمة لبناء مسار الدولة الوطنية، تحقق التوازن بين مختلف السلطات مع ضمان الشفافية في تسيير الشؤون العامة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024