الــولايــات الجــنوبــيــة المــســتحــدثـــة

فـــك العزلـة وتحـقـيــــــق الـتـــــــوازن التنمــــوي

إيمان كافي

 

يعتبر قرار استحداث الولايات الجديدة بالولايات الجنوبية من بين القرارات المهمة التي شكلت نقلة نوعية في تفعيل توجهات الدولة وتجسيد إرادتها في التنمية المحلية، حيث ساهم ذلك في تقريب الإدارة من المواطن بشكل كبير وهو ما مثل انعكاسا إيجابيا على الحركية التنموية عبر هذه الولايات بدوائرها وبلدياتها.


في الوقت الذي كانت فيه العديد من بلديات هذه الولايات مصنفة في سياق المناطق النائية والمعزولة أو حتى مناطق الظل، فإن ترقية الولايات التابعة لها إلى ولايات كاملة الصلاحيات وتعزيز صلاحيات المجالس الشعبية الولائية بها، ساهم في بروز النقائص التنموية التي كانت مسجلة بها، كما أدى إلى تركيز جهود السلطات المحلية نحو تصحيح الوضعية التنموية فيها وتفعيل حركية التنمية المحلية المطلوبة بهذه المناطق.
وبهذا الصدد أكد من جهته البروفيسور قوي بوحنية في حديث لـ«الشعب” أن استحداث ولايات بالمناطق الجنوبية، قرار يهدف بالأساس إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الإستراتيجية، ويعد الهدف الأول هو فك العزلة عن هذه المناطق وإدخالها ضمن قاطرة المشروع التنموي وتقليص ما يمكن تسميته بمناطق الظل بشكل تدريجي، وتحويل هذه المناطق إلى ولايات تستجيب لمؤشرات التنمية الوطنية، والاعتماد على مقاربة تشاركية بتقريب الإدارة من المواطن، وذلك بتحسين ظروف الساكنة وتوفير كل مرافق الحياة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والخدماتية، وهذا من شأنه أن يعطي ديناميكية وحركية لهذه الولايات حسبه.
وأوضح أن بعث الحركة التنموية عبر هذه الولايات المستحدثة كان من خلال تخصيص أغلفة مالية خاصة في القطاعات الحيوية مثل قطاع الصحة والقطاع الإنتاجي والقطاع الخدماتي، حيث لاحظنا مؤخرا -كما أشار المتحدث- تطور بنية المجال الصحي عبر عدد من هذه الولايات والتي من شأنها أن تعزز الخدمات الصحية للمواطنين، كما لاحظنا بعث مشاريع اقتصادية عملاقة، من شأنها امتصاص البطالة وأيضا توفير الخدمات خاصة في المجال الاستهلاكي وهذا مؤشر آخر من شأنه أيضا أن يعزز التنمية ويعمل على تقليص انتقال الساكنة إلى ولايات أخرى بحثا عن عمل، خاصة عند الحديث عن مشاريع النقل فهذا يعني وجود مناصب شغل جديدة قادرة على تقليص معدلات البطالة.
وفي هذا الإطار تشهد ولاية توقرت التي شملها قرار ترقية ولايات جديدة بجنوب البلاد إلى ولايات كاملة الصلاحيات، حركة تنموية جسدتها قرارات تقريب عدد هام من الإدارات المحلية للمواطن بهذه الولاية، والتي كان يضطر مواطنوها التنقل سابقا نحو ولاية ورقلة على مسافة 160 كلم، من أجل إنهاء إجراءات إدارية بسيطة، على غرار العديد من الولايات الجنوبية المستحدثة التي كانت تعاني بشكل كبير من بعد المسافات وشساعة مساحات الولايات الأم التي كانت تابعة لها.
وبغرض تعزيز فعالية التنمية المحلية عبر ولاية توقرت، حرصت مصالح الولاية مؤخرا على إمضاء اتفاقية تعاون بين ولاية توقرت وجامعة قاصدي مرباح بورقلة تهدف للتنسيق، من أجل تطوير المشاريع التنموية في المنطقة وإيجاد الحلول للمشكلات التقنية على أن تلتزم الولاية من خلال الاتفاقية باستقبال طلبة الجامعة بجميع الأطوار، من أجل إجراء التربصات الميدانية في الوسط المهني، حسب القدرات المتاحة في جميع المصالح والفروع التابعة لها، كما تسخر الجامعة من جانبها حسب الطلب وفي حدود الإمكانيات مجموعة من الباحثين، من أجل مرافقة وتأطير المشاريع التنموية في الولاية وتبادل الخبرات والاستشارات في المواضيع التقنية.
وتعتبر السلطات المحلية بهذه الولاية من جهتها أن مخطط تهيئة الإقليم بالولاية الذي يعد أداة لتنفيذ السياسة الوطنية للتهيئة والتنمية المستدامة على مستوى الإقليم الجغرافي المحلي، من خلال المراحل الرئيسية الموضوعة لتنفيذه إلى بسط البرامج التنموية والذي رغم انطلاقه في فترة ماضية ضمن مخطط تهيئة الإقليم التابع للولاية الأم ورقلة، وبالرغم من الصعوبات التي اعترضت تنفيذه، فإنها ستسعى للسير قدما نحو تحقيق أهدافه، ضمن رؤية تراعي جميع الجوانب الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية واللوجيستية للولاية، التي تزخر بإمكانات مادية وبشرية هائلة.
وذلك من خلال الدفع بهذا المخطط وفقا لتوجيهات الجهات العليا للبلاد، كون تطبيق هذه الأهداف والمخططات ضمن نسيج الولاية الجغرافي والاجتماعي والاقتصادي ضرورة ملحة، قد تستدرك النقائص المسجلة للتنمية بها، كما ستعمل لا محالة على تحديد مكامن النقص والعجز والتقصير الذي طال بعض أنحائها في مراحل سابقة.
وفي إطار مساعي تطهير مدونة المشاريع لمختلف البرامج التنموية خاصة غير المنطلقة منها والمتوقفة، يجري العمل أيضا من أجل تحسين جودة الحركة التنموية عبر العديد من البلديات التابعة لدوائر الولاية توقرت وفي هذا السياق حظيت دائرة الطيبات مؤخرا بزيارة عمل وتفقد، تم خلالها إطلاق ومعاينة عدد من المشاريع التنموية ذات الصلة المباشرة بحياة المواطن.
ومن جهة أخرى فإن العمل على متابعة وتحسين مسار التنمية المحلية عبر ولاية توقرت والولايات الجنوبية المستحدثة الذي يعد هدفا أساسيا من هذه العملية، يبقى حسب بعض المهتمين بالشأن المحلي مرتبطا بالمعايير والمؤهلات التي تتوفر في كل ولاية من هذه الولايات والتي من شأنها المساهمة في تحقيق فعالية التنمية المحلية من جهة، لذلك فإن حلحلة بعض المشاكل والعراقيل التي تواجه تنفيذ هذه المخططات أمر ضروري، بالإضافة إلى أن تحقيق مبدأ تكافؤ التنمية عبر مختلف المناطق يتطلب بذل مزيد من الجهد وتخصيص برامج تنموية، من شأنها تحسين مؤشرات التنمية عبر هذه الولايات. 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024