مهنيّون يرفعون تحدّي الإنتاج

الـزيت العـضوي الجـزائـري بـ 100 دولار في أسـواق كنـدا وأمـريـكــا

استطلاع: سعاد بوعبوش

تتوفّر الجزائر على 108 أنواع من زيت الزيتون، منها 36 صنفا محليا أصيلا، يتم العمل على حمايتها، حيث تكشف المعارض - في كل مرة - عن جودة المنتوج الوطني، والتطور الذي عرفته هذه الشعبة بعد انتهاجها للطرق العصرية واحترامها لشروط سلامة المنتوج، بدليل حصول العديد من المنتجين على جوائز عالمية وميداليات ذهبية ومراتب أولى في المسابقات الدولية، ما يجعل منها منتوجا نبيلا رائدا وجب الترويج له وتثمينه، خاصة وأنه يباع بأسعار خيالية تتجاوز 100 دولار بالأسواق الأمريكية والكندية، خاصة الزيت العضوي، غير أنّ تصدير هذا المنتوج يصطدم بمشكل التوضيب في القارورات الزجاجية الملائمة التي يتم العمل على بحث إمكانية تصنيعها بالجزائر.

 عرفت شعبة إنتاج الزيتون تطوّرا مذهلا ببلادنا، وبلغ طموح المنتجين الجزائريين سقفا عاليا، في تطوير المشتقات، خاصة زيت الزيتون البكر، والبكر الرفيع، وكذا الطبي والعضوي، والقيام بعدة عمليات تصدير ناجحة، جعلت منه مطلب العديد من الدول الأمريكية والأوروبية والخليجية.

علاج الأمراض المستعصية..

تخصّصت مستثمرة بختاوي بوهران في زراعة الزيتون، وأسّست شركة «آسيد أولماد» المختصة في إنتاج وصناعة زيت الزيتون الطبي البيولوجي الغني بالأوميغا 3، والتي تحتوي على أكسدة 03 مطابقة بذلك المعايير العالمية لزيت الزيتون.
أوضحت محرزية جريبية، مسؤولة التسويق والعلاقات على مستوى مستثمرة بختاوي، أن الشركة معروفة على مستوى السوق المحلية والوطنية؛ لأنّ مستثمرة بختاوي بولاية وهران، استثمرت في هذا النوع من الزيوت الخالية من الأسمدة والمواد الحافظة، وأصبحت توجه للتصدير نحو الخارج وتحديدا إلى أمريكا.
وحسب محرزية، تبرز أهمية هذا الزيت الطبي في كونه يعالج هشاشة العظام، يعزّز الذاكرة، مضاد للكوليسترول، السكري، ويؤكل في كل الأطباق وعلى مختلف الخضر، كما تستعمل في المجال الطبي على غرار معالجة سرطان الثدي بأمريكا، وكذا في إنتاج المكملات الغذائية، ويدخل أيضا في الصناعات الغذائية.
وأشارت المتحدثة إلى أنّ المنتوج متوفر بولاية وهران على مستوى الصيدليات، وكذا المساحات التجارية الكبيرة، وهو معروف جدا لدى المختصين في أمراض الهضم والتغذية، وكذا طب العظام.
وبخصوص خوض مستثمرة بختاوي التصدير نحو الخارج، أشارت إلى أنّ المنتوج بحكم أنه معروف وكثير الطلب عليه، فإن ذلك سمح له ولوج العديد من الأسواق العالمية كأسواق الولايات المتحدة الامريكية، الصين، بما فيها الدول الافريقية والآسيوية، وتركيا، حيث تصدر هذا الزيت الطبي بكل سهولة في قارورة مطابقة للمعايير العالمية كونها زيت بيولوجية ومضادة للأشعة البنفسجية.

نوميديا إفري..أوّل المستثمرين في الزيت البكر الرفيع
 
مجمّع افري هو الآخر دخل مجال انتاج زيت الزيتون من خلال شركة فرعية «نوميديا» بأوزلاغن، التي تستغل بساتين لزراعة الزيتون تتربع على 400 هكتار، معزولة عن باقي البساتين والأراضي الأخرى حتى يتم عزلها، والحفاظ عليها من أي أسمدة كيميائية، والبقاء على تكوين تربتها الطبيعي.
أوضح نبيل أرزقي المسؤول التقني التجاري لفرع مجمع افري، أنّهم بدأوا في استغلال 400 هكتار لإنتاج الزيتون والزيت العضوي في 2012 من خلال زرع شجرة أصيلة خاصة ومعروفة بالمنطقة «شاملال»، ويتم تسويق المنتوج بالسوق الجزائرية لتغطية الطلب الوطني، وكذا التصدير نحو الاتحاد الأوربي، الولايات المتحدة الأمريكية وكندا.
وحسب المتحدث، تبرز أهمية هذا الزيت العضوي في كثرة الطلب عليه، فهو موجّه للاستهلاك العام، وهو صحي جدا لكونه خالي من المواد الكيمائية،  مشيرا إلى أنّ فرع «نوميديا» كان من أوائل المنتجين الذي دخلوا مجال إنتاج الزيت البكر الرفيع، وتعليبه في قارورة غامقة اللون حتى لا تتأثر جودتها بأشعة الشمس الفوق بنفسجية.
وتهدف الشركة اليوم إلى الوصول بهذا المنتوج إلى المراتب الأولى في العالم من حيث الجودة، دون الخوف من المنافسة بما فيها تونس وإسبانيا، حيث تركّز الأخيرة على الكمية وإنتاج الزيت بصفة عامة دون أنواع محدّدة، على عكس الجزائر التي تخصّصت في الزيت البكر، والبكر الرفيع غير أنها تبقى محدودة الإمكانيات من حيث الكمية لتلبية الطلب العالمي، حتى وإن نجحت في التحكم في الإنتاج حسب الطلب والنوع، غير أنّ هذا لا يمنعهم من البحث على تبوء النوعية والتميز والتوسع، خاصة وأن الأسعار تبقى معقولة.
وبخصوص نوعية القارورات لتعليب زيت الزيتون، أكّد أرزقي أن الحفاظ على جودة زيت الزيتون يفرض تعبئتها في زجاجات خاصة، مصنوعة من العقيق الأخضر، لأن هذا النوع من الزيوت يبقى منتوجا نبيلا، ولابد من شروط لحفظه من الضوء، وكبسولات من الأليمنيوم وسدادات مضادة للحرارة والأوكسجين حتى لا تتدهور جودة ونوعية المنتوج.
وأشار ممثل شركة «نوميديا» افري، إلى أن الحفظ في قارورات بلاستيكية أمر غير مقبول ما عدا إذا كان بلاستيكا غذائيا ولمدة قصيرة الاستهلاك، وغير ذلك فهو مضر للصحة قبل الزيت، لهذا يلجأ أغلب المنتجين إلى استيرادها من الاتحاد الأوروبي وفرنسا تحديدا بسبب قلة الإنتاج الوطني، الذي لا يتوافق إن وجد مع معايير الحفظ لهذا النوع من الزيت العضوي.

شهادة المطابقة تفتح الطّريق للتّصدير

بدورها،  شركة «أورل أونيفارسال فود» علامة تجارية «غولا» بإيزر آمقران ببجاية المعروفة بالسوق الوطنية منذ 10 سنوات، بنوعين من الزيت الزيتون، البكر الرفيع والبكر، اللذين يتميزان بخصوصية عالمية، ما جعلهما أكثر طلبات من حيث الجودة والسعر، حسب ما أكده مسيّر الشركة علي صايغ.
ويطمح صايغ للوصول بها نحو التصدير، خاصة مع التسهيلات التي تمنحها وزارة التجارة التي تتكفل بدعم هذه الشعبة، مشيرا إلى جاهزيتهم لتصدير المنتوج المتوفر كمّا ونوعا، وذلك بعد الحصول على شهادة المطابقة للمنتجات العضوية.
وأشار المتحدث إلى أنه حاليا يعتمد على جمع المنتوج من الفلاحين الذين يحترمون التوصيات ومعايير الجودة المطلوبة في المنتوج، الذي يصل إلى مؤسسة «غولا»، والذي يُعبّأ في قارورات بسعات مختلفة 0.25 سل، 0.50 سل، 0.75 سل، وواحد لتر.
وحسب صاحب علامة «غولا»، يمكن الذهاب نحو التصدير حسب الطلب ابتداء من 1 طن عبر الجو، خاصة وأن الزيت الجزائرية ذات سمعة معروفة لاسيما تلك القادمة من حوض الصومام، التي تعتمد على أشجار صنف «شملال»، التي قاومت كل الظروف الطبيعية والبشرية بما فيها الاستعمار.
وتبرز ميزة هذه الفصيلة حسب الشروحات التي قدّمها السيّد صايغ في كونها تحمل خصوصية علاجية، كما أنّها شجرة زيتون ألفية بمعنى أنها كلّما زادت في العمر زادت غزارة في الإنتاج، على عكس بعض الأنواع الاسبانية التي تبدأ بالإنتاج مبكرا في ظرف سنة، غير أن مدة حياتها لا تتجاوز 25 سنة، كما أنها أكثر مقاومة للظروف الطبيعية بدليل أن الكثير من هذه الأشجار المباركة غير معروف عمرها الذي يمتد لقرون.
وأشار المتحدث إلى ضرورة العمل على تثمين خصوصيتها البيولوجية ومكوناتها، خاصة أن الفلاحين في السنوات الأخيرة أصبحوا على وعي كبير بضرورة حماية منتوجهم وغيورين عليه وعلى علامتهم التجارية ولا يرضون البيع بعشوائية، مؤكدا أنّ قرار منع استيراد المواد التي تنتج بالجزائر هو فرصة للمنتجين المحليين لتثمين منتوجهم وتنويعه، والتعريف به حتى في الأسواق الخارجية.

واقد: استحداث هيئة لمنح شهادة الصحة البيولوجية..ضروري

واقد عمر..منتج زيت الزيتون بمنطقة مشدالة بولاية البويرة، يملك مزرعة عائلية تتربع على مساحة 6 هكتارات غرست بها 1200 شجرة زيتون من نوع «شاملال»، وقام في 2014 ببناء معصرة بطريقة حديثة وتحترم كل معايير الجودة والنوعية، وكذا الشروط الصحية لاستخراج هذا الزيت النبيل في ظروف ملائمة عالية الجودة.
وشارك واقد بمنتوجه في الكثير من المعارض الوطنية والدولية، آخرها معرض المواد الغذائية بباريس، وصالون الفلاحة بـ «فرساي»، وكذا المسابقات الدولية، حيث تحصل على أول ميدالية ذهبية للزيوت الجزائرية في 2020، والتي تعتبر أول ميدالية منذ الاستقلال، ناهيك عن ميدالية برونزية بلندن، وخمس ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية في المسابقات الوطنية لأجود زيت زيتون، علما أنّ الجزائر تحصّلت على ميدالية ذهبية لكن قبل الاستقلال في 1938 بعد مشاركة عائلة شيبان من منطقة شرفة بمشدالة بباريس.
وحسب المتحدّث سمحت مشاركته في الصالونات الدولية بالتعريف بزيت الزيتون الجزائرية غير المعروفة لدى المستهلك الأوروبي، حيث ما زالوا ينظرون إليه بأنه يستخرج بالطريقة التقليدية، وعدم احترام السيرورة الصحية لإنتاجه ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة الحموضة فيه.
وأشار واقد إلى أنه حاليا يتم العمل على ترقيته وتقديمه في أبهى حلّة جودة ونوعا، كما يتم تحسيس الفلاحين بضرورة احترام وتطبيق أحسن الممارسات في استخراج زيت الزيتون، منذ بداية الإنتاج وجمعه واحترام المدة الزمنية لذلك، وكيفية جمعه، حفظه وشروط الاستخلاص تحت شعار «من الشجرة إلى القارورة»، والإتقان للوصول الى زيت ذي نوعية عالية.

ثقافة الاستهلاك

 في المقابل، أثار المتحدث إشكالية القارورة كغيره من المنتجين، حيث يبقى الإنتاج الوطني لا يلبي الطلب، لذا في كل مرة يجدون أنفسهم مضطرين للاستيراد، لحماية المنتوج من أشعة الشمس وضمان مدة تخزين أكبر، مقترحا تنظيم أيام تحسيسية للمستهلك حول الأنواع الجيدة للزيت، حتى تكون لديه ثقافة استهلاكية لرفض الأنواع السيئة العالية الحموضة التي ليست لها فائدة استهلاكية، ويضغط على المنتج لإنتاج زيت عالية الجودة، وكذا دعامات إشهارية.
وطالب المستثمر بضرورة إيجاد حل لإنتاج قارورات حفظ زيت الزيتون، خاصة في ظل منع استيراد الكميات المطلوبة من الخارج، وعدم استيفاء الإنتاج الوطني لشروط الحفظ المطلوبة، كما أن الكميات التي ينتجها كل من مصنعي وهران الذي تسيره مؤسسة «كوندور»، والمصنع العمومي للزجاج بغليزان لا تغطي الطلب الوطني.
وحسب واقد، فإنّ تلبية هذا المطلب مستعجل، خاصة وأن هناك طلبات للتصدير من فرنسا، بلجيكا، بولونيا، ومن الشرق الأوسط، ودول الخليج كالسعودية، قطر، الامارات، فيما يبقى السعر أيضا عائقا كبيرا أمام تسويق المنتوج الجزائري بحكم غلائه مقارنة بمنافسيه في السوق الدولية، لهذا فهو يصدر اليوم من أجل التعريف خاصة، واستهداف المهاجرين الجزائريين، خاصة وأنه هناك صعوبة للتموقع في الأسواق العالمية بسبب القارورة.
واقترح المتحدث جعل زيت الزيتون من المواد الأصيلة التي تصدر بهدف حل مشكل السعر، غير أن ذلك يصطدم مع غياب التوسيم الذي يمكن من خلاله تبرير السعر المرتفع، ناهيك عن استحداث هيئة لمنح شهادة الصحة البيولوجية، خاصة وأن الإنتاج العضوي مطلوب جدا من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، وهذا من صلاحيات وزارة الفلاحة.

الزيت البليدي يتحرّى الجودة

 نصر الدين بلوط، مسيّر مؤسسة «الأربعاء للزيتون» والمختصة في تحويل زيت الزيتون، والزيت العضوي، والزيوت العطرية من 20 سنة، لامتهانهم الفلاحة سيما في الأشجار المثمرة بما فيها الزيتون، ليتم أخذ قرار إنشاء معصرة وبعدها القيام بالتكوين في هذا المجال من أجل إتقان المهنة، والمشاركة في المعارض الوطنية والدولية لرفع المستوى.
وأشار المتحدث إلى أنه في البداية المنتوج كان يباع بطريقة تقليدية للمستهلك، وبعدها تم اتخاذ قرار التعليب ووضع علامة تجارية «الأربعاء الزيتون»، ما سمح لهم في التقدم أكثر في التربصات والمشاركة في المعارض، خاصة وأن زيت الزيتون علم واسع، ولحد الآن ما تزال قيد الدراسة والاكتشاف، فأكلها والدهن بها وصفة سحرية كاملة لصحة الانسان.
وحاليا المؤسسة تمتلك ثلاث مساحات لعرض وبيع المنتوج، خاصة بالزيت العضوي، وأخرى للزيوت العطرية، وأخرى تشتمل على كل منتوجات المؤسسة، مشيرا إلى أن المؤسسة حاصلة على شهادة جودة ونوعية تجددها كل سنة، ما سمح لهم بالمشاركة في المسابقات الوطنية، حيث تحصل زيت البليدي على الميدالية الذهبية في 2019.
وبخصوص المسابقات والمعارض الدولية، شاركت المؤسسة في نفس السنة لتحصل على شهادة تشجيعية بفرنسا، وفي سنة 2020 تحصلت على الميدالية الفضية، وبدأ الترويج لها عبر مواقع التوصل الاجتماعي، وفي 2021 تحصلت على الميدالية الفضية بباريس، وفي دبي تحصلت على الذهبية، وفي 2022 تحصلت من إيطاليا على ذهبية وكذا من دبي بنفس الزيت.
وحاليا يسوق منتوج «الأربعاء للزيتون» للمستهلك المحلي، وحاليا تبحث المؤسسة على أسواق بالخارج حسب الطلب، خاصة مع وجود طلبات تصدير عن طريق وسطاء التصدير، غير أنه لابد من حل مشكل توضيب الزيت في القارورات المناسبة.
في المقابل، دعا المتحدث المستهلك إلى تحري الجودة المطلوبة، سيما مع انتشار الزيت المغشوشة، بما فيه ذلك الموجّه للتتبيل فهو غير صحي ولا علاقة له بزيت الزيتون، كما أنه يخلط فيه كميات كبيرة من زيت المائدة المدعم من الدولة الموجّه للمواطن وليس للمصنّعين، ناهيك عن زيت آخر يستخرج من الزيتون الموجه للأكل، وبعد فساده أو تخمره لا يتم إتلافه بل على العكس يوجه للمعصرة واستخراج الزيت، منه «زيت ملحية» سيء النوعية والرائحة، ويسوّق بأثمان زهيدة.
وكشف في هذا السياق عن الشروع في تحسيس المستهلكين والجمعيات للتعريف بأنواع الزيوت المعروضة من أجل نشر الثقافة الاستهلاكية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19472

العدد 19472

الجمعة 17 ماي 2024
العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024