التوعية بمخاطر الظاهرة مهمة الجميع

تدخلات بالجملة لإنقـاذ المصطـافين من الغرق

نضيرة نسيب

تتداول يوميا على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديوهات تسجل على المباشر حوادث غرق مؤلمة، تقلب وتحوّل أجواء الفرحة بموسم الاصطياف والاستمتاع بمياه البحر، بالنسبة للعائلات القادم معظم أفرادها من المناطق الداخلية، الى أجواء حزينة وكئيبة، تخيم على عدد كبير من الشواطئ، فتتحول للأسف أوقات الأفراح إلى أحزان.

مع عودة فتح الشواطئ بعد انحسار جائحة كورونا، لوحظ تدفق عدد كبير من المصطافين على مجمل الشواطئ الساحلية، لاسيما في رحلات عائلية أو من خلال مخيمات صيفية منظمة وقادمة من كل ولايات الوطن بهدف قضاء أوقات عطلة صيفية جميلة وممتعة.
ووفقا للأرقام المسجلة لدى مديرية الحماية المدنية، فقد ارتفع عدد المصطافين في معظم الولايات الساحلية، نتيجة الإقبال الكبير على مستوى عدد من الشواطئ، حيث سجل مستوى قياسي مقارنة بالثلاث سنوات الماضية من حيث عدد المصطافين، أين كانت أكبر نسبة لمرتادي الشواطئ في الولايات الساحلية الثلاث، فرُتبت ولاية وهران في المرتبة الأولى بـ13 مليون مصطاف، تلتها بومرداس بـ12.5 مليون مصطاف، لتأتي بعدها ولاية جيجل بـ12 مليون مصطاف في المرتبة الثالثة.
لكن للأسف، أوقات الفرح والمرح لا تدوم طويلا دون أن تتحول أجواؤها الصيفية بين الحين والفينة الى مأساة حقيقية، تعكرّها أخبار الغرق التي تتلقاها مسامعنا ومشاهدنا بصفة مستمرة، طوال موسم الصيف في عدد كبير من الشواطئ الساحلية.
هذه أهم أسباب الموت غرقا..
يجمع المختصون من خلال تحليل ظاهرة الغرق في البحر، على أن أهم الأسباب التي تؤدي الى هذا النوع من الحوادث الصيفية، انعدام الحيطة والحذر لدى بعض الأشخاص، حيث يلقون بأنفسهم في أحضان أمواج عاتية من خلال الخوض في السباحة سواء في الأوقات المحظورة، أين تقف الأحوال الجوية دون ذلك، وغالبا ما تعبث الطبيعة بحياتهم فمنهم من ينجو، ومنهم من يصارع الموت، ولكن في الأخير هناك من يلفظ أنفاسه لتتحول المتعة إلى نقمة للأسف، دون ذكر عدد حالات الاختفاءات اليومية المسجلة كإحصائيات وطنية تسجلها مصالح الحماية المدنية.
فحوادث الغرق المسجّلة عبر الشواطئ في كل صيف تعود بالأساس إلى قلة الوعي والإدراك بالمخاطر الموجودة في البحر والسباحة في أجواء غير مناسبة وخطيرة، خصوصا مع ارتفاع مستوى الأمواج وفقدان المقدرة على العودة إلى المنطقة الآمنة، وبالتالي يؤدي حتما الى الوقوع في شباك الغرق، لا قدر الله.
في هذا الصدد، يعرض المختصون في شؤون السباحة مجموعة من النصائح المهمة التي يجب اتباعها في الشاطئ: في البداية يجب على المصطافين الحرص على السباحة في نطاق المناطق القريبة من الشاطئ. وفي حالة تعرضهم للخطر يتوجب عليهم رفع اليدين للأعلى كإشارة للشخص المنقذ المكلف بحراسة الشاطئ، ويجب توّخي الحذر من الأمواج التي من الممكن ان تسحب الأشخاص بعيدا.
 ومن الأفضل عدم المغامرة في السباحة، من خلال التمادي في الثقة بالنفس، فأحيانا من الممكن أن يكون المرء عرضة للخطر جراء ذلك، ومن الأحسن السباحة ضمن المعقول، وفي حدود القدرات البدنية والإحترافية للأفراد، فكثيرا ما تذكرنا العامة، بمثل شعبي يقول، إن أكثرهم غرقا أكثرهم من يجيدون السباحة، بحسبهم، “ما يغرق غير العوّام”، يقولون ذلك في حالات عديدة ويحدث الغرق نتيجة فرط الثقة في النفس وفي البحر.
حتى ولو كان الشخص سبّاحا ماهرا، يُنصح بعدم التمادي في الثقة حتى ولو كان من الأبطال، لأن للبحر مفاجآته، بالرغم من جماله الجذاب، فما بالكم بالأطفال الصغار الذين يحتاجون لمراقبة مستمرة. فلهذا يستلزم من أوليائهم حراستهم وعدم تركهم لوحدهم أثناء السباحة، لأن للبحر أخطاره حتى نحفظ حياتهم منها وهي تتربص بهم خاصة في أيام الاصطياف. والمعروف أيضا تنبيه عدد من الأطباء إلى ان تفضيل عدم السباحة مباشرة بعد تناول الطعام أو الافراط في شرب كمية كبيرة من السوائل أو بعد التعرض المطول لأشعة الشمس تفاديا لتعقيدات صحية.
خطر السباحة “ضد التيار”
من أخطر الأسباب التي توصل الأشخاص إلى الغرق أيضا، هو كل ما بإمكانه ان يصادف المصطافين من تيارات بحرية تدعى بتيارات السحب، وهي تيّارات مياه قوية وضيقة وسريعة، تنتشر في الأماكن التي توجد بها أمواج متلاطمة على طول السواحل وشواطئ البحار والبحيرات الكبرى.
 يشترط أن تكون الأمواج عالية كي تتشكل تيارات السحب التي تعتبر أكبر مسببا للغرق، كل ما يتطلبه الأمر 60 سم من العمق ليحدث ذلك ولا يشترط أن يكون الجو سيئاً أو الهواء قوياً، فهي غالباً ما تتشكل في يوم جميل يلي عاصفة ما، بحسب المختصين في علم التيارات البحرية.
ويمكن أن تشكل هذه التيارات بدرجة كبيرة من الخطورة عاملا مضاعفا نسبيا للغرق. والسؤال المطروح هنا كيفية تمييز تيار السحب عن غيره من التيارات البحرية العادية، لأن معظم التيارات البحرية الساحبة تشكل تهديدا مستمرا على حياة السباحين، لذلك من المهم معرفة أن ما يسميه معظم الناس بالمد الساحب هو “تيار ساحب” تقنيًا: قناة مائية ضيقة تندفع من الشاطئ إلى البحر (وأحيانًا بامتداد الشاطئ). تقوم تلك التيارات بسحب الأشخاص من الشاطئ إلى داخل المياه، وإذا حاول أحدهم المقاومة، فسيكون مصيره الغرق، إذ لن يقوى على مجابهة التيار وسرعته.
في بعض الأحيان، عند عودة المياه إلى الداخل مرة أخرى، تتشكل تيارات السحب كإحدى طرق إعادة المياه للداخل، إما عمودياً أو بزاوية حادة على خط الساحل، فتتشكّل بذلك منطقة ضيقة من المياه، تتحرك فيها المياه بسرعة مبتعدة عن الشاطئ.
يوم عالمي للغرق..
سطرت منظمة الصحة العالمية يوما عالميا للتعريف بخطورة ظاهرة الغرق، مصادف لـ25 جويلية من كل سنة، بهدف إبراز أهمية الوقاية من هذا المشكل الذي يمثل بدرجة كبيرة خطرا على الأفراد في أي منطقة تواجدهم في العالم.
وتصنف هذه المنظمة الغرق في البحر أو في المسطحات المائية أو أثناء عمليات الهجرة غير الشرعية، من بين الظواهر الاجتماعية غير الصحية، بالنظر لارتفاع نسبه السنوية على المستوى العالمي، حيث سجلت في السنوات الأخيرة أكبر معدلات وفيات الغرق في منطقة إفريقيا، حيث تجاوزت فيها معدلاتها بنسبة كبيرة تلك المسجلة في بلدان أوروبية، لا سيما بارتفاع يعادل 10 الى 13 مرة تتابعا، بكل من دولتي انجلترا وألمانيا.
ويصنف الغرق، بحسبها، في المرتبة الثالثة ويعتبر بذلك من أهمّ أسباب الوفيات الناتجة عن الحوادث غير المتعمدة في جميع أنحاء العالم، حيث يمثل نسبة 7% من مجموع تلك الوفيات.
ما يزيد عن 60 ألف تدخل لإنقاذ الغرقى خلال شهرين
على المستوى المحلي، فإن الملاحظ أن حصيلة هذه السنة المسجلة على مدار شهرين، والتي جاءت في بيان نشرته فرق التدخل الخاصة بالحماية المدنية لا تبشر بالخير، بالرغم من المجهودات المبذولة سنويا من خلال التوعية بمخاطر السباحة وكيفية تجنب حوادث الغرق في البحر أو في البرك المائية والسدود أو الأودية.
وتدعيما لهذا التوجه الخاص الهادف إلى تقليص حجم الخسائر البشرية المسجلة سنويا، أطلقت المديرية العامة للحماية المدنية حملة وقائية تحسيسية من الأخطار المتعلقة بموسم الاصطياف والاستجمام منذ بداية موسم الاصطياف، انطلاقا من 18 من شهر ماي وتعلقت أهم محاورها بالتوعية والإرشاد حول كيفية تجنب الأخطار المتعلقة بالبحر والسباحة في المجمعات المائية على مستوى التراب الوطني من أجل ترسيخ الثقافة الوقائية عند المواطن من أخطار الغرق والحوادث، وكذا السقوط على مستوى الشواطئ الممنوعة للسباحة والمجمعات المائية.
في إطار الجهاز العملي المخصص لحراسة الشواطئ والاستجمام على مستوى الشواطئ المسموحة للسباحة، سجلت مصالح الحماية من الفترة الممتدة من 16 جوان الى 16 أوت (شهرين) على مستوى 427 شاطئ مسموح للسباحة، 60340 تدخل، سمح بإنقاذ 42366 شخص من موت محقق وكذا إسعاف 15514 آخر بعين المكان على مستوى مراكز حراسة الشواطئ، بالإضافة للتكفل بالضحايا في مختلف التدخلات الخاصة بالإسعافات الأولية كالجروح، إلى جانب نقل 3217 جريح إلى المصالح الاستشفائية.
أما بالنسبة للضحايا الذين كانوا على متن المركبات المائية وتم إنقاذهم فقدر عددهم بــ258 شخص.
من جهة أخرى، سجل في نفس الفترة 116 غريق متوفي، منهم 63 غريقا بالشواطئ الممنوعة للسباحة و53 غريقا بالشواطئ المسموحة للسباحة، 18 من بينهم خارج أوقات العمل لجهاز الحماية المدنية.
 كما جند جهاز عملي مهم لأجل ضمان أمن وسلامة المصطافين بالشواطئ المسموحة للسباحة، مكون من 11000 عون مختصين ومجهزين بمختلف عتاد التدخل في البحر.
وبحسب تحليل خص هذه البيانات المتعلقة بحالات الوفاة غرقا بالشواطئ، يتضح ان غالبية الوفيات حصلت بالشواطئ الممنوعة للسباحة أو خارج أوقات عمل جهاز الحماية المدنية، وتخص الفئة العمرية للمتوفين الذين تتراوح أعمارهم بين 10 الى 23 سنة.
27 شخصا غرقا بينهم 26 حالة وفاة
وفق آخر حصيلة نشرتها مصالح الحماية المدنية، شملت عدد الوفيات غرقا، سجلت وفاة 27 شخصا غرقا، منها 26 حالة وفاة في البحر، 14 وفاة في الشواطئ الممنوعة و05 وفيات خارج أوقات عمل جهاز الحماية المدنية على مستوى ولايات عين تموشنت 03 أشخاص، ولاية مستغانم 03 أشخاص، ولاية تيبازة 04 أشخاص، ولاية الجزائر 03 أشخاص، ولاية بومرداس 03 أشخاص، ولاية سكيكدة 03 اشخاص، ولاية بجاية 02 شخصان، ولاية الشلف 02 شخصان، ولاية وهران 01 شخص ولاية عنابة 01 شخص، ولاية الطارف 01 شخص، الى جانب تسجيل وفاة 01 مراهق في واد بولاية سكيكدة.

كيف تتعامل عند الوقوع في تيار ساحب حتى لا تموت غرقا؟
عند الوقوع في تيار ساحب لا قدر الله إليك بعض النصائح المهمة من أجل الإفلات من قبضته والنجاة من الغرق:
- لا تصب بالذعر، وتذكر أن التيارات الساحبة هي تيارات سطحية لن تجرك إلى القاع.
- لا تسبح فى مواجهة التيار (ضد التيار) للعودة إلى البر.
إلتزم السباحة في اتجاه مواز للشاطئ ما أمكن للخروج من التيار (أنظر الشكل التوضيحي أسفله).
- في حال تعذر الخروج، حاول البقاء طافيا على سطح الماء.
- لوّح بيديك واطلب المساعدة بصوت عال عند الحاجة لذلك.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19472

العدد 19472

الجمعة 17 ماي 2024
العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024