مساحة من الحب وكفى!

نور الدين لعراجي
09 ديسمبر 2017

أن تشعل شمعة خير لك من أن تلعن الظلام.. أن تحمل نبتة طيّبة، جذعها ثابت، أصلها سيظل شامخا في العلياء لا تطاله الألسن، ولن تؤثر فيه مشاق الحياة، فعندما تصنع لنفسك ذلك التميّز في خطك الافتتاحي، وتلتزم بأخلاقيات المهنة وتقدس الخبر وتثمين المعلومة سوف تصل إلى محبّة الآخرين قراء كانوا أم متابعين، أو مؤسسات يهمها تقديم الخبر في شكله المعهود والمألوف، دون نبز ولا همز، ولا إساءة ولا تجريح.. تلك الأخلاقيات رسمها الأولون من الأقلام الصادقة والصامتة، حينما تكتب لا تشعر بضوضاء الألسن، لأنها تعي جيدا كيف تتناول المواضيع من نواصيها، وهي سمة العارفين بأبجديات الكتابة الصحفية. تلك مسيرة من وهبوا أقلامهم لعميدة الصحافة باللغة العربية في الجزائر.. ظلوا على العهد، غير منساقين وراء الشهرة ولا خلف الصالونات، أوفياء لوسيلتهم الإعلامية، خدمة لقضايا وطنهم العادلة، بل إن تميّزهم في الكتابة يصنع الفارق دوما.
٥٥ سنة مضت من عمر الزهور في مشتلة الأقلام الصحفية الأولى.. الأقلام التي خرجت مع بزوغ الاستقلال، خاضت معركة كفاح معرفي وفكري، كان يخالها المستعمر بأنها ستقف عاجزة عن صناعة نفسها، لكنها بفضل الإرادة تحدت كل الصعاب وجاء الميلاد مع فجر ١١ ديسمبر ١٩٦٢ لتكون القاطرة الأولى للصحافة الجزائرية بامتياز.
أجد نفسي عاجزا أمام هذه المساحة التي شرفتني «الشعب» بخوض الكتابة فيها، فاتحا نقطة البدايات، مقدما هذا العدد الخاص من إحتفائيتنا الـ٥٥ لميلاد هذا الوهج الإعلامي «الشعب».
أجدني عاجزا عن التعبير والكتابة في حضرة الأقلام التي شرفتنا بحضورها وتميزها الدائم والبهي، وهي تفتح أحضانها وأفئدتها لصحفيينا من الجيل الأول والثاني من عمر «الشعب».
كيف لا ومن الأسماء بن زغيبة، بن يخلف، قلالة، جبلون.. وغيرهم كثر أساتذة وسفراء وكتاب، إعلاميون، خبراء ومن خيرة النخبة الجزائرية، أبوا إلا أن يشاركوننا هذه الفرحة في ذكرى جريدتهم «الشعب».
الكتابة توهج وإحتراق وعصارة ألم ترافق الصحفي في تحليله ومعالجته للخبر من زوايا متعددة، لذلك لا أخفي سرا أن من عادتي الكتابة في لحظات مختلفة، خاصة إذا تعلق الأمر بافتتاحية أقل ما يقال أنها خارطة طريق للعبور إلى بقية الصفحات الأخرى، يتطلب الأمر برهة من الوقت تشبه «استراحة جندي»، يجول بين قاعة التحرير والدائرة التقنية وأمام شاشة تقرّب إليه المسافات الطويلة من الوكالات والمراسلين.. فتراه لا يهدأ ولا يبرح مكانه.. لذلك يأتي التركيز أشبه بالحلم.. سرعان ما يختفي بين هذه الأسطر.. وتأتي الكلمات في شكل أكاليل من الورود.. نمنحكم إياه.. وشموعا تظل فوانيسها تضيء هذا الفضاء.. هي ذي شموع «الشعب» نشعلها كي نقاسمكم الفرحة بهذا العيد، مسافة ومساحة من الحب وكفى.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024