في مثل هذا اليوم وعلى سفوح دشرة أولاد موسى بالأوراس حاولت فرنسا الاستعمارية اذلال المقاومة، عن طريق وزير الداخلية انذاك فرانسوا ميتران الذي زار المنطقة وهي محاصرة بعد الشرارات الأولى من إندلاعها، من جهة لمحو المنطقة من الخارطة ودكها على أهلها دكا، ومن جهة أخرى ملاحقة لصوص الشرف، بعد الرفض الذي لقيته السلطات الاستعمارية من سكان الأوراس، الأمر الذي خيب آمال ميتران وجعله يلجأ الى فرض سلطة القوة والترهيب، واستعمال سياسة الحرق، واصفا الثوار من ابناء المنطقة باللصوص والخارجين عن القانون معتبرا تواجدهم هناك بالامر الخطير، دون ان يكشف أن الامر اقوى منه، وليس بالامر السهل للوصول إلى هؤلاء اللصوص حسبه الذين أمنوا بقضيتهم، واستئصالهم من الارض يتطلب سنوات.
في الجهة الأخرى من المنطقة تجند سكان الأوراس وحسموا الموقف في غزوة بل في معركة «تبابوشت»، حيث لقنوا فرنسا درسا في البطولة ملحقين بها هزيمة نكراء في أول مواجهة لهم على الأرض وجها لوجه مع عساكر العدو، حينما يروي صانعوها تفاصيل تلك الأحداث يتخيل إلى الأذهان انها تفاصيل فيلم جرت وقائعه على ارض غير الاوراس وان هوليود أخطت حينما عظمت ثورتها في الصين الشعبية، وكان عليها اكتشاف المهارات وتقنيات القتال والكر والفر والإقبال والادبار، لأنها في الحقيقة ملحمة كبرى بكل المواصفات، لكن التاريخ لم يفها حقها مثلما تستحق.
«تبابوشت» لم يتخرج صانعوها من أكاديميات عسكرية غربية، ولم تكن لهم دراية كافية في فنيات القتال أو الاشتباك، انما كانت تتملكهم روح النصر، وعزيمة فلاذية، تكبر كل يوم، لأنهم لصوص الشرف، يدافعون عن أرضهم وعرضهم، ارتكب المستعمر غلطة تاريخية، كلفته الكثير من الخسائر وزفت الثورة ابناءها شهداء رافضين الاغتصاب رغم محاولات التضليل والتعتيم الاعلامي، لكن هيهات هيهات ان تفشل إرادة من طينة «حيا على الجهاد» امام غاشم ميزته الاستفزاز، فتحية اجلال لهؤلاء اللصوص الذين صاغوا التاريخ بأحرف من ذهب.