كلمة العدد

محاربة طواحين الرّيح

فضيلة دفوس
21 نوفمبر 2017

رغم أنّ مشاركة الجمهورية الصّحراوية في القمّة الإفريقية – الأوروبية المقرّرة الأربعاء القادم بالعاصمة الإيفوارية كوت دفوار، بات أمرا محسوما  بعد أن تلقّت دعوة رسمية  كونها عضوا مؤسّْسا في المنتظم الافريقي، فإنّ المغرب لازال يناور ويتحرّك في كل الاتجاهات لمنع حضورها في هذا الاجتماع الهام، معتقدا بأنّه ومن خلال الاستنجاد بحاميته فرنسا سيتمكّن من ضبط عقارب الزّمن الافريقي في الاتجاه الذي يريد.
قبل أيام قليلة قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، إنّ حضور جبهة البوليساريو القمّة التي ستجمع الاتحاد الافريقي بالاتحاد الاوروبي نهاية نوفمبر الحالي في أبيدجان، يشكّل تشجيعا على الانفصال.
وأوضح، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره الفرنسي إدوارد فيلب الذي زار المغرب، أنّ «القمّة مهمّة لنا جميعا، لكن حضور هذا الكيان  (يقصد الجمهورية الصّحراوية) يمثّل تشجيعا أوروبيا على الانفصال، ويتعين على المنتظم الدولي محاربته لمنع تفكّك الدّول الوطنية».
هكذا إذن وبمثل هذه المزاعم الخطيرة يناور المغرب مع حليفته فرنسا، ليس فقط لمنع الجمهورية الصّحراوية من حضور قمّة أبيدجان القادمة كخطوة أولى قبل طردها لاحقا من المنتظم الافريقي، بل يعمل على مغالطة المجتمع الدولي  بتزييف الحقيقة والادّعاء بأنّ البوليساريو تمثّل كيانا انفصاليا وقضيتها تستهدف الدولة الوطنية، في حين أنّ الواقع مناف تماما لهذه الادّعاءات،
والحقيقة لا يغطّيها غربال الكذب والتجني، فالعالم أجمع على علم بأنّ القضية الصّحراوية هي قضية تصفية استعمار، ومن سوء حظ المغرب أنّه شخصيا اعترف بهذه الحقيقة عندما وافق في نهاية الثمانينات على عملية السّلام الأممية، وبدأ مفاوضات مع البوليزاريو التي يصفها اليوم بالكيان الانفصالي بهدف تنظيم استفتاء لتقرير المصير لم يكن محصورا كما يريد الآن في الحكم الذاتي فقط، بل كان موسّعا ليشمل الاستقلال والضم، وقد عيّنت المينورسو للاشراف عليه. يبدو أنّ المغرب يغرّد خارج السرب العالمي والافريقي على وجه الخصوص، لهذا فإفريقيا لن ترضخ لمناوراته ولا لضغوطه حتى وإن كانت مسنودة من فرنسا ذاتها، ومثلما فشل في إجهاض الاجتماعات والقمم التي عقدها الاتحاد الافريقي مند عودته إليه، سيخفق في إجهاض قمّة كوت ديفوار، وسيصطدم بجدار من المعارضة الافريقية لرغبته  في طرد الجمهورية الصّحراوية من بيتها الافريقي.
يبقى أن نشير في الأخير إلى أنّ الاحتلال المغربي يصرّ على خلط الأمور عمدا حتى يخلق أجواء من الغموض يستفيد منها لاحقا لفرض سيطرته على الإقليم الصّحراوي، فهو مثلا يستغل الرّفض العالمي لاستفتاءي كردستان وكاتالونيا، ليطالب برفض المطلب الصّحراوي بالاستقلال بزعم أنّه حركة انفصالية، لكن غاب عنه بأنّ اللوائح الأممية  وحكم محكمة العدل الدولية تقرّ جميعها بأنّ لا روابط بين الصّحراء الغربية والمغرب، ما يعني أنّ المغرب يحتلّها، واحتلاله هذا ماض إلى نهايته مهما طال الزّمن ومهما تجنّى الظّلمة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024