شكل الفعل الثقافي في برامج المترشحين لمحليات 2017 الحلقة الأكثر ضعفا واهتماما، في خطابات وتجمعات التشكيلات السياسية، ولم تدرج الكثير منها برامج ثقافية تؤسس للفعل الثقافي، بل ان العديد منها يعتقد ان الثقافة محصورة في المهرجانات مثلما نشاهده في ملاعب كرة القدم.
القصد من الفعل الثقافي هو ارساء آليات تمكن الفاعلين في الفضاء الثقافي من تجسيد بعض الأنشطة الهادفة، كالاهتمام بصناعة الكتاب وترقية القراءة بخلق فضاءات للمطالعة والمكتبات الجوارية، خاصة وان الجماعات المحلية تملك من المقرات ما يؤهلها لان تكون مكتبات مرجعية، فتارة تدعم من طرف الوصاية بالإصدارات الجديدة، وتارة تخصص البلديات ميزانية لاقتناء الكتب والنشريات الجديدة.
الأمر لا يقتصر على هذا فحسب بل ان المسارح وقاعات السينما هي الأخرى مدعوة إلى المساهمة في خلق ديناميكية ذات فعالية ايجابية، مثلما كانت عليه في سبعينيات القرن الماضي، عن طريق تشجيع المواهب الشابة في إخراج نصوص مسرحية وتهيئة المسارح ودعمها بالكفاءات، حتى تساهم البلدية في خلق تقاليد يتمرن على أسسها المواطن، وينخرط في ملكوتها الابداعي، وهي إضافة أخرى في استمالة أكبر قدر ممكن من الأجيال الصاعدة ومنحهم تأشيرة المشاركة في صناعة البرامج التثقيفية للحيز الجغرافي المحلي.
إذا تحدثنا عن المسرح، فإن الكتابات الأدبية هي أيضا مهمة خاصة مع تشجيع المبدعين في ابراز مواهبهم وصقلها عن طريق المتابعة العينية والميدانية والأخذ بها إلى بر النجاح والتميز، والجزائر عبر كل بلدياتها ليست عاقرا في انجاب مثل هذه الطاقات التي تولد من رحم المعاناة، فتختار الكتابة أو كمتنفس لها.
البرنامج الثقافي في خطابات التشكيلات السياسية لا يتعدى الرؤية البسيطة والمحدودة، لأنها لا تنطلق من مقومات تؤمن بأن الفعل الثقافي بإمكانه ان يساهم في مداخيل الخزينة المحلية ويرفع من سقفها.
لذلك وجب التفكير بجد في هذه البرامج لأن الثقافة هي أكبر من السلوكات التي نمارسها أو ذهنيات لا تصبو على بر أمان، لا تساهم في تحرير الذات بل تساهم في درأها.