سلوكات!

فوضى الميزان

جمال أوكيلي
18 نوفمبر 2017

ليس كل تلك الأجهزة من الميزان الموجودة في زاوية من زوايا المحلاّت للخضر والفواكه أو اللّحوم البيضاء والحمراء، أو البقوليات أو التّوابل تشتغل وفق المقاييس المعمول بها في عالم التّجارة. للأسف الكثير منها تتعرّض لتحايلات يصعب الكشف عنها سواء التي يستعمل فيها ما يعرف بـ «العبار» أو ما يسمّى بـ «الإلكتروني»، يقف خلفها أناس لهم دراية في هذا الميدان، وقدرة فائقة على التّلاعب بالحساب الذي يصدر عن الكيلوغرام الواحد أو أكثر.
لذلك يحرص الزّبون دائما على مراقبة مشدّدة لتلك الأرقام الظّاهرة في المربّع الضّوئي للميزان، وهذا بعدم ترك التّاجر يفرض منطقه، وهذا إمّا بالزيادة أو بالنّقصان ويتعمّد في تفادي التوقف عن السّقف المطلوب أي لا بالأكثر ولا بالأقل.
الكثير من المستهلكين عندما يلاحظون أنّ المادة المشتراة ناقصة يذهبون إلى تجّار آخرين لإعادة وزنها، والعديد منهم يجدون سرقة غرامات ، أي أنّ ما اقتنوه لا يصل إلى كيلوغرام ممّا يحتّم عليهم العودة ثانية إلى التاجر المعني لمطالبته بإضافة ما أخذه، أو بالاحرى ما سرقه وعدم التّعامل معه مستقبلا.
هذه الظّاهرة مرتبطة ارتباطا وثيقا بسلوكات التّاجر أولا ثم يأتي بعده جهاز الميزان، وهكذا فإنّ هناك من بائعي بعض المواد عندما تخبرهم بأنّ أسعار أصحاب الشّاحنات أقل من المحلاّت، يؤكّدون لك بأنّ هؤلاء يستفيدون من الهامش من خلال التّحايل على الميزان والتّلاعب به.
للأسف هذا ما يحدث في أسواقنا، وفضاءات البيع عندنا دون حسيب أو رقيب، الكثير من هؤلاء وجد ضالّته في هذا السّلوك من طرف الجهات المكلّفة بمتابعة مثل هذه الحالات في الميدان، خاصة مصالح قمع الغش وكذلك الاتحادات والمنظّمات والجمعيات التي ترفع شعار حماية المستهلك.
فيما مضى كانت وزارة الصّناعة وبالتّعاون مع وزارة التّجارة تشنّ حملة منتظمة في أوساط التجار قصد حجز كل أجهزة الميزان التي لا تخضع للمقاييس المعمول بها، خاصة تلك التي لا تمر عبر الجهات التّقنية التي تمنحهم الرّخصة أولا ثم تتابعهم في الميدان.
 اليوم كل من هبّ ودبّ بإمكانه الذّهاب إلى «الحميز» أو أماكن أخرى ليشتري ما يريده، هذا خطأ فادح يجب العودة إلى العمل بالشّروط الصّارمة في هذا المجال، ليس بفكر إداري بيروقراطي يعطّل هذا النّشاط، وإنما بحركية جديدة في العمل تراعي كل هذا التحول في المجال التّجاري حتى لا تتكرّر الأخطاء السّابقة، لذلك فالكثير من التجار اضطرّوا بعد عملية المراقبة إلى استبدال أجهزتهم بأخرى وتصحيح البعض منها. للأسف تراجعنا إلى المربّع الأول منذ سنوات خلت، وتخلّينا عن الميزان اليدوي كذلك، الذي بمجرد انقطاع التيار الكهربائي يتوقّف بالرّغم من شحنه.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024