إن انعقاد اللجنة المختلطة الاقتصادية الجزائرية - الفرنسية في دورتها الرابعة هي بمثابة محطة لتقييم العلاقات الثنائية بين البلدين في شقيها الاقتصادي والسياسي وللتفكير في رفع حجم المبادلات التجارية بين البلدين التي ناهزت 8 ملايير يورو والحرص على أن تكون هذه المبادلات متوازنة ومنصفة للطرفين في إطار معادلة «رابح - رابح» تعكس هذه الشراكة التي توصف بأنها متميزة بين البلدين.
يعتبر مصنع رونو لتركيب السيارات في الجزائر من أبرز أوجه هذه الشراكة إلا أن نسبة الإدماج الصناعي في هذا الأخير لا تزال دون مستوى التصريحات المعلنة مقارنة باستثمارات فرنسية مماثلة في بلدان أخرى، بينما يمكن لهذا الأخير أن يشكل سانحة للفرنسي «رونو» تمكنه من اقتحام السوق الإفريقية عبر بوابة الجزائر في حال تم زيادة الطاقة الإنتاجية التي بالكاد تستجيب للطلب الداخلي في الجزائر حاليا؟.
لا شك أن تنويع الاقتصاد الوطني سيكون أحد المحاور الكبرى لاجتماع هذه اللجنة التي تنعقد اليوم خاصة وأن الجزائر تبنت هذا الخيار وتعول على كل شركائها للمضي قدما في التخلص من سطوة النفط وتقلبات أسواقه وهذا في إطار شراكة متوازنة تبتعد عن النظرة التقليدية التي تختصر الآخر في مجرد سوق وفقط والمأمول أن تعكس هذه الشراكة معاني ودلالات هذا المصطلح أي اقتسام المنفعة والأخطار بالتساوي.
إذا كانت هذه اللجنة تسمى بالاقتصادية فهذا لا يعني أن الشق السياسي سيكون مغيبا عنها بحكم ثقل هذا الملف داخل هذه الشراكة المتميزة بين البلدين ولا شك أن هناك ملفات سياسية وأمنية ستكون محكا حقيقيا لمدى صلابتها ومواصلة تمتينها وتقويتها وكذا مدى توفر الإرادة السياسية لدى الجانب الفرنسي في تجسيد هذا المسار خاصة ما تعلق منها بالملف الليبي الذي يمكن لباريس أن تلعب دورا بارزا من خلال الدفع بحل سياسي ومرافقة ودعم جهود الجزائر في هذا الاتجاه وكذا مجهودات الأمم المتحدة والمبعوث الشخصي إلى ليبيا غسان سلامة وكذلك الوضع في كل منطقة الساحل سيما ما تعلق بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وكذا تدفقات المهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء وهذا هو المحك الحقيقي لهذه الشراكة ومدى مراعاتها لمصالح الشركاء.