كلمة العدد

صفقة دنيئة

فضيلة دفوس
07 نوفمبر 2017

قبل نحو ٤٢ عاما، أعطى الملك المغربي الراحل «الحسن الثاني» إشارة انطلاق مسيرة العار الإحتلالية، قصد مدّ نفوذه إلى الإقليم الصّحراوي وضمّه عنوة ضاربا عرض الحائط بلوائح وقرارات الأمم المتحدة التي كانت ولا زالت تؤكد بأن الأراضي الصّحراوية تدخل ضمن الأقاليم المعنية بتصفية الإستعمار وتقرير المصير.
لقد سارع الملك الراحل إلى حشد هذه المسيرة التي شارك فيها نحو ٣٥٠ ألف مغربي وسفراء من بعض الدول العربية لإحكام قبضته على الاقليم الصحراوي قبل أن يفلت منه بعد أن قرّرت اسبانيا الانسحاب منه واضعة نقطة النهاية لاحتلال دام ٩٢ عاما.
في الواقع وإذا كنّا نستذكر هذه المسيرة المشؤومة اليوم، فلكي نؤكد بأن فصول المأساة التي يعيشها الصّحراويون لم يصنعها المغرب لوحده، بل شاركه فيها المستعمر الاسباني، فهذا الأخير ورغم أنّه كان ينوي فعلا الخروج من الصحراء الغربية، وأجرى إحصاء لسكانها بهدف تنظيم استفتاء تقرير المصير، فإنه سرعان ما تراجع عن موقفه بصفة جذرية ليزكّي الاحتلال المغربي ويباركه.
إسبانيا الإستعمارية، لمّا رأت أن المغرب وضعها - بزحفه نحو الجنوب - أمام الأمر الواقع، فضلّت أن لا تغادر فارغة اليدين، فقرّرت أن تبيعه «حقوق الاحتلال» وقبضت الثمن من خلال اتفاقية مدريد وما منحته لها من امتيازات ومصالح في المنطقة.
الصفقة التي تنازلت بموجبها إسبانيا عمّا لا تملك لمن لا يستحق، اتخذت طابعا قانونيا تجسّد في اتفاقية مدريد الثلاثية التي وقّعت من طرف المغرب وإسبانيا وموريتانيا في ١٤ نوفمبر ١٩٧٥ أي بعد أسبوع فقط من مسيرة العار.
الإتفاقية اللّصوصية كما سمّاها الصّحراويون، التي تمّت بإيعاز من فرنسا وتأييد من أمريكا- التي كانت لها مطالب احتلالية هي الأخرى- تضمّنت الثمن الذي قبضته مدريد مقابل بيعها الصحراء الغربية، وهو استفادتها من ٣٥٪ من مناجم الفوسفات في منجم بوكراع، وبقاء أسطول صيدها البحري في المياه الإقليمية الصحراوية، وضمان قاعدتين عسكريتين لها قبالة جزر الكناري، إضافة إلى مصالح أخرى.
إسبانيا إذن تتحمّل وزر ما يكابده الصّحراويون وعلى عاتقها، مسؤولية تاريخية وأخلاقية تستدعي موقفا يصحّح هذه الخطيئة بل هذه الجريمة.
التّاريخ كما نرى يسجّل بين سطوره أن إسبانيا قسّمت الصحراء الغربية وكأنها كعكة وسلمتها على طبق من ذهب للمغرب، لكنه يسجّل أيضا بأن إتفاقية مدريد لا تملك الشرعية في القانون الدولي تماما مثل الاحتلال المغربي، لأن الأمم المتحدة لا تعترف إلى حدّ اليوم سوى بإسبانيا كقوّة استعمارية مديرة للإقليم، وبالمغرب كقوّة غازية، وبالصحراء الغربية كأرض محتلة ينطبق عليها مبدأ تقرير المصير.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024