محترفو التهريج..

جمال أوكيلي
31 أكتوير 2017

ماذا أصاب المغاربة؟ ولماذا كل هذه الهيستيريا الصادرة عن إعلامهم تجاه الجزائر؟ لا نجد إجابة إلا بالقول بأن هذه الحملة المنظمة والممنهجة ماهي في حقيقة الأمر إلا تغطية لفشل الأداء الداخلي والنشاط الخارجي بعد  أن إزداد الضغط الشعبي على «المخزن» خاصة «حراك الريف» وارتفاع الأصوات في العالم المطالبة بتقرير مصير الشعب الصحراوي.
أمام هذا التصعيد اهتدى محترفو السياسة في هذا البلد إلى البحث على تغطية لإلهاء الرأي العام المغربي بما أصابه من إخفاقات لتسيير الشأن الداخلي نجم عنه طرد ٣ وزراء من الحكومة وسقوط الطروحات المغربية البالية التي أكل عليها الدهر وشرب بخصوص القضية الصحراوية.
الأمر لا يتعلّق هنا بتصريحات وزير الداخلية الجزائري عبد القادر مساهل لأن الأبواق التي أطلقت العنان لهذيانها وجنونها خرجت عن نطاق ما حدث وراحت تخوض في مسائل جانبية، لا علاقة لها بتاتا بالوقائع المذكورة.
ما يصدر عن المغاربة اليوم، هو كلام غير مسؤول لا يمت بصلة للحقيقة، مبني على أحكام مسبقة، وخلفيات مضرة، للأسف تفوّه بها أشخاص يحملون صفة «باحث» أو «أستاذ» أو «خبير؛ نزلوا إلى الحضيض، والدنيء في التوجه إلى الناس بالأكاذيب، والإدعاءات الباطلة التي لا أساس لها من الصحة، مجرد إفتراءات سقط أصحابها في مطبّ التهريج، ودائرة الدعاية لإخفاء المخاطر المهدّدة للمغرب داخليا وخارجيا.
@ داخليا: إدارة الشؤون العامة للمواطنين المغاربة في عامة البلد، وصل إلى باب مسدود، كل الوصفات المقترحة لم تجد نفعا في جلّ القطاعات الحيوية التي لها الصلة المباشرة بالساكنة خاصة الخدماتية منها، هذا الوضع ولّد احتقانا على المستوى الشعبي، أدى إلى احتجاجات يومية في مقدمتها «الحراك» في الريف وفي نقاط أخرى، يفرض الإعلام تعتيما على ما يحدث وهذا مندرج في إطار خطّة مدروسة لمنع أي إطلاع على ما يجري في هذا البلد.
وهذا الحصار المضروب على الإعلام يتناقض تماما مع الترويج لتلك الصورة المزيّفة، من قبل بعض الأطراف المكلفة بهذه المهمة الفاشلة عندما يسوّقون لهذا البلد بأنه وجهة كذا وكذا من شعارات تافهة يفندها الواقع، سواء سياسيا أو إقتصاديا.
وهذه المفارقة التي لم يتفطّن لها المغرب من جهة يحمل شعار الإنفتاح والديمقراطية والحرية، ومن جهة أخرى يقمع كل من يتجرّأ على التحرك في هذا الإتجاه كل رموز المعارضة في الريف أودعوا السجن، ينتظر محاكمتهم من حين لآخر، أين هؤلاء من كل هذه العناوين الكبيرة عليهم؟
وأول ضربة وجهت لحكومة العثماني إبعاد ٣ وزراء عن الجهاز التنفيذي يشرفون على قطاعات ذات الصلة الوثيقة بالمواطن، وهذا في حدّ ذاته بداية فتح جبهة صراعات بين حزب الأغلبية وجماعة الملك الذين يشتغلون على مضض مع أعضائه، واتضح ذلك في الصراع الخفي مع بنكيران سابقا، وسعيهم ألا يعود ثانية إلى منصبه بالرغم من فوزه بالتشريعيات وهناك عمل ينجز من أجل فصله وعزله عن الحزب، لإطفاء جذوة المعارضة التي يتبّناها، وتقديم هذه الحكومة إلى الرأي العام بأنها فاشلة لا تقوى على مواجهة الواقع والتعديل الجزئي إنما يترجم هذا التوجه بكل ما يحمل من مغزى عميق.
أما الذين يصنعون لهذا البلد مجدا افتراضيا لا يوجد إلا في الومضات الإشهارية، فهم متمادون في أخطائهم التي لا تغتفر كونهم ساهموا في بناء صورة مزيّفة عن هذا البلد ساهم في إغراقها من يسمون أنفسهم بالمحللين الذين يتناقضون في كلامهم إلى درجة الدهشة والاستغراب.. أما الفئة الأخرى الأكثر حيرة فهي محررو التقارير الوهمية حول هذا البلد، يريدون عنوة تصنيفه في مراتب غير مؤهل لها.. ولا يستحقها بالنظر إلى ما ينجز في الاقتصاد والتنمية، وبالرغم من ذلك، فإن الآلة المحركة تعمل على وضعه في خانة معينة ليتاجر بمصطلح «النموذج» الذي يردّده هؤلاء في كل مرة.
@ خارجيا: فإن التواطؤ والتآمر على الشعب الصحراوي، تمّ إحباطه، وانكشف أمر أولئك الذين انضموا إلى عصابة منظمة لمحاصرة الصحراويين في المحافل الإفريقية، كان آخرها السعي لمنع المسؤولين الصحراويين من المشاركة في قمة إفريقيا ـ أوروبا وتماطل الدولة المضيفة في دعوة ممثلي الشعب الصحراوي بضغط من المغرب والأطراف الموالية له، غير أن التهديد والتحذير الصادر عن قادة الإتحاد الإفريقي بنقل الإجتماع إلى بلد آخر أجبر ذلك البلد على دعوة الصحراويين إلى هذا الموعد، هذه عيّنة من السلطات المغربية في إفريقيا، ناهيك عن فشله الذريع في محطات أخرى دولية.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024