رسمت طوابير الحرقة الارادية للشباب الجامعي البطال في شوارع «كافينياك ،عسلة حسين، و زيغود يوسف «بالعاصمة مشاهد لم نر مثلها ،الا في ملاعب الداربي بين اعرق الفرق الرياضية ،او خلف شبابيك للظفر بمقعد امام مطرب شاب محبوب الجماهير مثلا ،فان الامر في هذا الحال لا يتركنا امام حيرة الاسئلة ، ولا يحيلنا الى تساؤلات جوهرية ، تكون الاجابة عنها عسيرة.
الصورة التي رسمتها الارصفة اول امس والبارحة ومازالت مستمرة ، هي في الحقيقة مأساة بحجم الخيبة الكبيرة لمنظومتنا التعليمية والثقافية والاجتماعية ، فبعد حرقة الشباب بحرا هاهو اليوم يبحث عن منافذ للخلاص من بطالته وانتظاره لمنصب عمل يحمي شرفه ويصون كرامته ، بعدما طرق الابواب وكأنها موصدة أمامه.
الكل اصطف امام واجهة المركز الثقافي الفرنسي اناثا وذكرانا من كل الاعمار الشبابية ،هم مفخرة الوطن وزبدته الفكرية والمعرفية، خريجو الجامعات والمعاهد الجزائرية ، مهندسون ، اطباء ، من كل التخصصات قدموا من كل ولايات الوطن ، توسدوا الارصفة والعراء ،غايتهم الهربة بدل الحرقة ، وليس لهم في ذلك من سبيل .
خرجة فرنسية غريبة ، بملامح غير بريئة بالمرة ،حتى وان حاول اصحابها ابعاد الشبهة عنها ، فإنها تحمل في طياتها كل النوايا السيئة ،وان كانت ايجابياتها بحجم الارض، ستظل رائحتها تذرف صور الخديعة والعار .
لا ريب في ذلك وقد تزامنت وعشية الاحتفال بذكرى نوفمبر المجيدة لتحاول تعكير الاجواء وإضفاء بعض من سقطاتها على المشهد التاريخي ومحاولة استدراج الذاكرة الجماعية الى الاسطورة القديمة « فرنسا المنقذة «، هيهات هيهات ان تحمل التأشيرة كل هذه الاهانة ،ليس هناك اي تأويل لهذه الرؤيا الا تفسير واحد يعرفه اصحابه ويدركه اصحاب الشأن في البلد ، فعار ان تستباح كرامة الشعب في غرة نوفمبر.