ماذا ينتظر المواطن من المنتخبين المحليين الجدد بالمجالس الشعبية البلدية والولائية القادمة؟ كل عهدة نطرح هذا السؤال آملا في رؤية إضافة أخرى غير التي اعتدنا عليها في السابق نزولا عند رغبة الناس الذين يرون في هذا الموعد تجديد العهد مع الالتزامات المعلنة في الحملات الإنتخابية المخصصة لهذا الحدث.
ما ينتظره المواطن هو أن يكون المنتخب الوافد على مقعد البلدية وفيا لكل التعهدات التي حرص على إطلاقها هنا وهناك، وأقسم خلال التجمعات على أن يكون إلى جانب سكان البلدية التي دخلها لأول مرة أو عاد إليها ثانية لخدمتها.
ولابد لهذا المنتخب الجديد أو القديم أن يسأل ويقيّم نفسه بالنسبة للأول لما هو قادم أما الثاني ماذا قدم حتى يريد أن يشرف مباشرة على هذه «النواة الأولى» لفترة أخرى نقول هذا الكلام من باب التنبيه بأن المسؤولية تكليف وليست تشريف، والتهافت على هذه المجالس لا يجب أن يفهم من طرف البعض بأنه مصدر ثراء، أو شيء من هذا القبيل وإنما ما يتطلّب أن يترسّخ في أذهان هؤلاء، هو أن البلدية لم تعد فضاءً لمنح الصفقات، واستخراج وثائق الحالة المدنية وغيرها مهما كانت تحمله من مفاهيم تقليدية لا تخرج عن هذا النطاق المحدود والمحصور في مسائل واضحة جدّا.
هذه المهام لم تلغَ.. بل ما زالت سارية المفعول وتنجز بجدية وعلى قدم وساق منها خاصة النظافة، غير أن المرحلة القادمة تختلف اختلافا جذريا عن سابقتها لأن رئيس البلدية القادم سيكون في عين الإعصار بمعنى أن هناك ورشات ستفتح لاحقا تتعلّق بإصلاح الجماعات المحلية وفق نظرة حديثة ومقاربة شاملة ومتكاملة ومضبوطة تنظر إلى البلدية على أنها «مؤسسة» قادرة على التمويل الذاتي دون الحاجة إلى إعانات.. وهذا من خلال إعادة تثمين أملاكها وإدراجها ضمن توجه تنافسي يضمن لها مداخيل في المستوى المطلوب.
لذلك، فإن رئيس البلدية القادم عليه أن يعمل.. زيادة على اختيار فريقه استنادا إلى مقاييس صارمة لمساعدته على إيجاد الحلول في الوقت المناسب، وبأسرع زمن وأي خطأ أو سوء تقدير لتحديات السباق، فإن تداعيات ذلك ستظهر جليا في نشاطات المجلس المنتخب، لذلك فضّلت الكثير من الأحزاب والقوائم الحرة الاعتماد على الكفاءات الجامعية، وأصحاب المستويات العليا، والمهارات والخبرات، من أجل مواجهة أو بالأحرى الاستعداد لهذا الموعد، لأن العديد من النصوص المسيرة للجماعات المحلية ستغير باتجاه تكييفها مع المستجدات الراهنة، والسعي كذلك لسنّ قوانين أخرى لسدّ فراغات معينة عرقلت مسار تقدم هذه الفضاءات باتجاه الأحسن منها ما يعرف بالمبادرة.
وكل هذه الحركية المرتقبة ليست معزولة عن المواطن بل هي جزء لا يتجزأ من علاقاته اليومية بمصالح البلدية، تخدمه بالدرجة الأولى وتوضّح له أكثر الأهداف المتوخاة لإرساء قواعد مرنة في مسار الخدمة العمومية.