التوظيف الهادف للتاريخ يساهم في تزويد الأجيال بإرادة صلبة لرفع التحديات

سعيد بن عياد
29 أكتوير 2017

أكد الطيب زيتوني وزير المجاهدين أن “لا بيع ولا شراء ولا تراجع بشأن الملفات العالقة مع الجانب الفرنسي مثل استرجاع الأرشيف وتحديد أماكن وهوية المفقودين وتعويضات التفجيرات النووية واسترجاع جماجم زعماء المقاومة الشعبية”، هو موقف صارم يترجم إرادة الدولة الجزائرية في التعامل مع مسائل جوهرية من صميم الذاكرة الجماعية للشعب الجزائري.
ونفى وجود أي طابوهات في التعامل مع التاريخ وعدم السكوت عن أي محاولة لضرب الوحدة الوطنية أو المساس بانسجام المجتمع داعيا الطرف الآخر الذي يمارس التملص للهروب إلى الأمام إلى تفعيل اللجان المشتركة ومواجهة الحقيقة التاريخية بشجاعة خاصة وأن هناك إشارات ولو محدودة تحمل وجود تطور في الموقف الفرنسي تجاه ماضيه الاستعماري في الجزائر وإن كان الأمر لا يزال يتطلب الإفصاح عن موقف أكثر وضوحا من شأنه أن يضع الرأي العام الفرنسي الجديد في صورة حقيقة ما ارتكبه أسلافهم.
ويمثل الاعتراف بالحقيقة صدمة تخشى الأوساط الاستعمارية التي لا تزال تمارس التزييف وتنشر الأكاذيب وتروج المغالطات أن تسقطها من مراكزها في حالة أدرك الفرنسيون من الأجيال الجديدة أن قادتهم عبر مراحل التاريخ متورطون في جرائم ضد الإنسانية من تقتيل وإعدامات ونهب وتخريب وأن الشعب الجزائري تصدى بكل شجاعة لآلة الحرب الجهنمية.
هذا ويمثل أول نوفمبر تاريخا مفصليا في مسار استرجاع السيادة الوطنية وتتويجا لثورات ومقاومات شعبية محلية لم تتوقف ولذلك كان حقا على الشعب الجزائري جيلا بعد جيل أن يتذكر الشهداء الأبرار ويخص المجاهدين الأخيار بالتقدير والعرفان بمختلف أشكاله تعبيرا عن الوفاء وأصالة الانتماء بعيدا عن رهن ذلك بظروف حياتية يومية أو بما يواجهه كل مواطن من مصاعب أو متاعب.
كان الشهداء يرددون قبل الرمق الأخير أمام المقصلة أو تحت التعذيب “ نوصيكم بان لا تنسونا وحافظوا على الأمانة ألا وهي الجزائر المستقلة”، وكانوا على ثقة بأن الجزائر تسترجع سيادتها وأن الشعب الجزائري يكسر قيود الذل والاستغلال بفضل صلابة مقاتلي جيش التحرير وحيوية مناضلي جبهة التحرير الذين وقفوا في ملحمة قلما تصنعها شعوب أخرى سدا منيعا أمام المحتل بكافة أدواته ومؤامراته ومخططاته إلى أن اقتلعوه من جذوره لتستعيد ارض الجزائر عفتها وكرامتها.
وأشار وزير المجاهدين إلى أن هذه الأرض التي واصل الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني تطهيرها بعد الاستقلال من المتفجرات والألغام والأسلاك الشائكة وبقايا الحقد الاستدماري بدأت تتحول إلى أرض معطاء للحياة تنتج الزرع وتنشر الأمل في رسالة تعكس المدى الإنساني لثورة نوفمبر وتجسد الترابط بين التحرير والتعمير بالمفهوم الشامل الذي يجعل الإنسان في جوهر المعركة التحررية بالأمس والتنموية اليوم.
ولذلك فإن صحوة تاريخية يؤسس لها منذ السنوات الأخيرة من خلال انفتاح عريض على المجتمع عن طريق المتاحف وخوض عمل جواري على امتداد التراب الوطني لمسح الجغرافيا من شأنها أن تجعل من التوظيف الهادف للتاريخ ضمن حركية المجتمع طاقة جديدة معنوية تساهم في دفع عجلة التطور وتزويد الأجيال بتلك الإرادة الصلبة لرفع التحديات وتجاوز الصعاب مهام كانت شديدة ولنا في جيل نوفمبر خير مثال لاستلهام العبر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024