ينظر وزير المجاهدين السيد الطيب زيتوني إلى الملفات الحيوية للقطاع بهدوء وحكمة بحثا عن تسوية عقلانية مرجعيتها في نهاية المطاف الإلتزام بالقوانين المسيرة، وهكذا فإن سنة ٢٠١٨ ستكون النقلة النوعية في التكفل بانشغالات هذه الفئة ولائيا وعدم إرسال أي وثيقة إلى الإدارة المركزية والمصالح الموجودة بالوزارة.
هذه المنهجية المعتمدة على المرحلية سمحت حقا برفع الضغط والقضاء على البيروقراطية بدليل لا توجد ملفات مكدسة لدى مكتب الوصاية التي كانت تستقبل ٤٠٠ شخص يوميا في طوابير غير متناهية، تؤدي أحيانا إلى ملاسنات لا يستدعيها المقام.
وهكذا فكر السيد زيتوني مليا في هذا الأمر، وقرر أن يضح حدا لمثل هذه التنقلات التي لا فائدة من ورائها سواء المعاناة والتعب، خاصة لكبار السن الذين يبدون قلقا من عدم التكفل بقضاياهم في أسرع وقت، أو التأخير في تلقي مستحقاتهم، واستلام منحهم، هذه الظاهرة هي الآن في حكم الماضي، والتوجه يرتكز على تحسين التسيير نحو الرقمنة والربط مابين كل المديريات عبر الولايات للبقاء على حالة اليقظة اليومية لتقديم كل ما يمكن من تسهيلات لطالبي الخدمات.
هذا الملف بصدد الإنتهاء منه كونه أثقل كثيرا كاهل الوزارة، وأدخلها في فترة معينة ضمن الإدارات الأكثر تماطلا وتأخرا في الرد على ما يصلها أو يودع لديها من وثائق، اليوم تغير الوضع رأسا على عقب وتم إزاحة الشبكة العنكبوتية للبيروقراطية التي تخيم على مصالحها، وحاليا فإن كل المعطيات المتعلقة بالشهداء والمجاهدين وذوي الحقوق موجودة في الموقع الداخلي الخاص بالوزارة.
وهذه وثبة عملاقة لابد من التذكير بها، لأنها خلصت القطاع من متاعب جمة، وأخرجته من وضعية لطالما عانى منها لسنوات طويلة، لتأتي آليات عمل جديدة ارتقت به إلى مستوى تطلعات كل من له علاقة مباشرة معها.
والتقدم المسجل في هذا المسار حتم الذهاب إلى خيارات عاجلة، منها قلب أطراف المعادلة من الإهتمام والإفراط في الشؤون الإجتماعية إلى استحضار الذاكرة الوطنية، والإشتغال عليها لأنه تبين أن هذا الشق يتطلب إدراجه ضمن أولويات الوزارة في سياستها المتعلقة بالتاريخ وأبعاده.
وهكذا، فإن الوصاية فتحت جبهة حساسة جدا وشائكة في آن واحد، وهذا عندما انطلقت في إثارة مسائل أحرجت الطرف الفرنسي في كثير من المواقف التفاوضية إلى درجة أنه أحيانا لا يجد الإجابات المقنعة، ولا الردود الشافية ليطالب باستشارة مسؤولية أو تأجيل الحديث عن قضية معينة، وهذا ما حدث حقا عندما تم طرح ملف المفقودين الجزائريين خلال الثورة أمثال سي أمحمد بوڤرة، بونعامة، وأودان، هنا أصيب الوفد الفرنسي بالذهول للمعلومات الموثقة عند الجزائريين وبالأخص الأرقام الدقيقة المتعلقة بأولئك الذين اختطفتهم فرنسا من بيوتهم أو مقرات عملهم.
في حين لوحظ تضارب في معلومات الوفد الفرنسي في كل مرة يقدم رقما تارة ١٢ مفقودا، وتارة أخرى ٢٦، ثم ورود إحصاءات أخرى مابين ٥٠ و ٦٠ مفقودا، هذا ما جعل الوفد الجزائري في موقع تفاوضي أقوى من نظيره الفرنسي، لينزع منه ذلك الثبات في الموقف المتبع، تجاه المسألة المطروحة بكل ثقلها التاريخي ووزنها الإنساني.
هذه عينة عن المعركة حامية الوطيس التي دخلتها الوزارة في مسألة الذاكرة الوطنية على أنها لا تترك أبدا الفراغ للآخر، في سده، لذلك فإنه في كل مرة تسعى وتتحرك باتجاه هذا العمل الوطني، كاسترجاع جماجم المقاومين الجزائريين، وكذلك مسألة التعويضات وقضايا أخرى وضعتها الوزارة ضمن أولوياتها الملحة، لأن المعركة ماتزال طويلة وشاقة.