لأول مرة يتجاوز سعر برميل النفط سقف 60 دولارا منذ جويلية 2015، ويعزز هذا المكسب الثمين مؤشرات المناخ الإيجابي لاسواق النفط بفعل تقارب وجهات نظر كبار المنتجين من داخل وخارج منظمة «أوبك».
وتعكس جميع المؤشرات الراهنة توفر مناخ جيد لمسار خفض إنتاج النفط، في ظل وجود قناعة لدى معظم الشركاء ممثلة في البلدان الاعضاء في منظمة «أوبك»، ومن خارجها وعلى رأسها روسيا للتوجه نحو تمديد العمل بقرار تخفيض الإنتاج إلى ما بعد شهر مارس المقبل.
لذا يتوقع أن يجري الاجتماع المقبل لمنظمة «أوبك» المقرر في 30 نوفمبر الداخل ، في ظل مناخ يشجع على مواصلة العمل باتفاق التخفيض، الذي تنتهي آجاله شهر مارس ، وبالتالي السير نحو تمديده إلى نهاية عام 2018.
ولاشك أن الأجواء الإيجابية المسجلة من شأنها أن تدفع نحو التمديد الفعلي، وهذا الانطباع البناء سوف يؤثر على معادلة الأسعار سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، كونه يحمل إشارة قوية، بهدف تعزيز مؤشرات السوق النفطية ويفضي إلى منح جرعة أخرى لتماسك الأسعار.
المؤكد اليوم أن جميع الأطراف معنية بهذا التحسن سواء تعلق الأمر بدول منظمة «أوبك» تتقدمها البلدان ذات الإنتاج العالي أو من خارج هذه المنظمة، كونها جميعا في حاجة ماسة إلى سيولة مالية، لمواجهة أوضاع داخلية تتعلق بالدرجة الأولى بالتنمية وتمويل مشاريع إستراتجية، على غرار العربية السعودية التي أطلقت مشاريع ضخمة على المديين القريب والمتوسط، ومن ثمة تحتاج إلى إيرادات يؤمنها سعر جيد للبرميل، وكذا روسيا التي تواجه مواعيد مصيرية مثل «مونديال 2018»، الذي يتطلب إنهاء منشآت وإنجاز مرافق وتوفير خدمات، تحتاج بالضرورة إلى الرفع من مداخيل إيراداتها النفطية، وعلى اعتبار أنه اتضح بشكل جلي أن خيار الرفع من الإنتاج وضخ المزيد من الذهب الأسود، وإغراق السوق الى حد التخمة، يؤدي تلقائيا إلى تذبذب وانهيار الأسعار.
يمكن التوقع أن يشهد اجتماع نهاية شهر نوفمبر تعميق مسار تجاوز الخلافات الجيوإستراتجية، ويضاف إلى كل ذلك تراجع سيطرة وانتشار المنظمات الإرهابية، بعد استرجاع التحكم في آبار النفط من طرف الحكومات على غرار سوريا والعراق، ما من شأنه أن يساهم في تعزيز تكريس اتفاق الدول المنتجة للنفط.
الجدير بالإشارة أن هذا المناخ المحفز لعبت فيه الجزائر دورا بارزا، من خلال الاتصالات البناءة المكثفة التي أجرتها، وتمكنت بعد ذلك من التأثير في الأطراف النافذة داخل وخارج منظمة «أوبك»، ويضاف إلى ذلك احترامها الصريح لاتفاق خفض الإنتاج، الذي وضعت أسسه في اجتماع الجزائر وتم تثبيته في لقاء فيينا ليكون بداية انفراج يجب تثبيته.