تقدٌّم كبير أحرزته عملية محاربة تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي في العراق وسوريا، حيث تمّ تحرير العديد من المحافظات والكثير من المساحات بأقاليم البلدين.
وبعيدا عن الدمّار الذي تركه الدمويون وراءهم وعن معضلة إعادة البناء والحياة وعودة اللاّجئين والنازحين، يبقى السؤال المطروح، إلى أين رحل الإرهابيون الذين كانوا يسفكون الدماء ويزرعون الرعب والخراب في بلاد الشام والرافدين منذ ٢٠١٤ م؟
الأكيد أن الكثير منهم قضى هناك وتمّت تصفيتهم تحت القصف، لكن الأكيد أيضا أن الكثيرين استطاعوا الفرار والمغادرة إلى أماكن ومواقع أخرى، بل إن بعضهم تمّ إخراجهم من المدن المحاصرة تحت الحراسة المشدّدة لحفظ حياتهم من أي سوء، ونقلوا في حافلات إلى وجهات لم يعلن عنها، فإلى أين توجّه آلاف الدمويين بعد دحرهم من العراق وسوريا؟ الجواب عن هذا السؤال أمر صعب للغاية فاللّغز الكبير الذي طرحه إنشاء تنظيم «داعش» قبل سنوات، والأسرار التي تحيط بمن أسّسه وموّله وأشرف على تنقل عناصره بين البلدان وعبر الحدود، هو ذات اللغز المطروح حاليا حول مصير الارهابيين المنسحبين مما يسمونها «دولتهم الاسلامية» الدموية.
لكن ورغم غياب الجواب الحاسم، فالاحتمال الكبير، أن الجهات التي جنّدتهم لمهمّتها القذرة في بلاد الشام والرافدين، تكون قد نقلتهم ونشرتهم في أماكن أخرى لتنفيذ مهمة مشابهة، الاختلاف الوحيد فيها جنسيات ضحاياها، وقد لا نحتاج إلى عناء كبير لنكتشف الوجهة الجديدة لدمويّي «داعش» وهي بكل تأكيد الدول والمناطق التي تشهد تصعيدا إرهابيا خطيرا، كأفغانستان التي تضاعفت بها العمليات الانتحارية التي حصدت في أقل من أسبوع مئات الضحايا، والصومال أين استقوت شوكة الإرهاب، إذ سجلت العاصمة مقديشو قبل أيام أكبر تفجير في تاريخها أسفر عن مصرع ما يقارب ٤٠٠ شخص في لحظة وحدة، ثم تزايد الهجومات الارهابية في مصر وفي منطقة الساحل وتحديدا النيجر ونجيريا.
الأكيد أن دمويي «داعش» لمّا انسحبوا من سوريا والعراق، لم يعودوا إلى بلدانهم الأصلية التي وضعتهم على رأس قوائم المطلوبين ووجهتهم لن تكون غير منطقة وضعها سوء قدرها بين أعينهم لتكون بؤرة عنف ودم ودمار جديدة.
لذا، فكلّما انحسر الارهاب في جهة، فهو «سيتوحّش» و«يتغوّل» في منطقة أخرى، لتبقى الظاهرة الإرهابية ذاك الخطر الذي لا يستثني أحدا في العالم والحرب المعلنة ضدها تدور في حلقة مفرغة.