بددّت رسالة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، بمناسبة اليوم الوطني للصحافة، مخاوف أسرة الإعلام بعد مطالبته الحكومة بتفعيل الصندوق العمومي لدعم الصحافة المكتوبة، في الوقت الذي تعيش فيه هذه الأخيرة صعوبات مالية خانقة غيّبت العديد من اليوميات والأسبوعيات عن المشهد الإعلامي الوطني وأحالت المئات من الزملاء في مهنة المتاعب على البطالة وعناوين أخرى قد لن يكون مصيرها أفضل إن لم يتم إنقاذها.
إن هذا القلق لم تسلم منه حتى مؤسسات إعلامية توصف بأنها عريقة، لما لها من رصيد تاريخي وتراكمات عقود من الاحترافية والمهنية، جعلت منها رمزا من رموز الدولة الجزائرية، عناوين تزامن صدورها مع استقلال بلادنا، رافقت بعد ذلك كل المحطات المفصلية للجزائر، بداية من بناء الدولة، مرورا بمسارات التنمية وبرامجها المختلفة، إلى المساهمة مجددا في الحفاظ على بقاء وكينونة الدولة الجزائرية خلال الهجمة الإرهابية الدموية، كما جاء في نص رسالة رئيس الجمهورية، الذي أثنى فيها على ما قامت به أسرة الإعلام خلال تلك الفترة العصيبة من تاريخ الجزائر. وهنا لا بأس من التذكير أن جريدة «الشعب»، التي تحيي شهر ديسمبر المقبل، عيد ميلادها 55، كانت دائما وعلى مدار العقود الخمسة من وجودها في طليعة وسائل الإعلام الوطنية في أداء هذا الواجب المقدس.
إن قرار بعث الصندوق العمومي لدعم الصحافة المكتوبة، يأتي في الوقت الذي أصبحت فيه هذه الأخيرة مهددة بالانقراض بسبب الانتشار الواسع للقنوات التلفزيونية وتعميم الأنترنت التي فتحت المجال واسعا أمام انتشار مواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى ما يشبه الإعلام الموازي وكذا الزحف السريع للصحافة الإلكترونية التي أصبحت الوريث الشرعي للصحافة المكتوبة. كلها معطيات اضطرت الكثير من العناوين إلى التخلّي عن الطبعة الورقية نهائيا وتعويضها بالإلكترونية.
إن الانتقال نحو الصحافة الإلكترونية حتمية وليس خيارا، بحكم الطفرة التكنولوجية الحاصلة؛ طفرة قد تجعل الأجيال القادمة لا ترى الجريدة الورقية إلا في المتاحف أو في مراكز الأرشيف.
لهذا، ولتفادي الأسوإ يجب مراعاة المرحلية والتدرّج للقيام بهذه الوثبة نحو الإعلام الإلكتروني وصندوق دعم الصحافة المكتوبة هو إحدى الآليات التي يمكنها أن تخفّف من العواقب الوخيمة لهذا الانتقال من خلال حماية الصحافة الورقية من (موت الفجاءة) التي اختطفت أكثر من 60 عنوانا خلال سنتين فقط؟!