كلمة العدد

عولمة الإرهاب

فضيلة دفوس
10 أكتوير 2017

لم يعد أحد في هذا الكون الفسيح في منأى عن التهديد الإرهابي، فحتى الدول الكبرى التي تمتلك من الإمكانيات الاستخباراتية والعسكرية ما يكفيها لحفظ أمنها، أضحت عرضة لاعتداءات وهجمات الدمويين، ليفرض الإرهاب في النهاية عولمته ويشمل بمآسيه الجميع دون استثناء ...
التنظيمات الدموية، أصبحت اليوم أكثر جرأة وتحديّا للمجموعة الدولية، بعدما اكتسبت خبرة وتجربة ميدانية جعلتها توسّع نشاطها الإرهابي وتمدّده إلى قلب أكبر العواصم في العالم، فلم تسلم باريس، ولا لندن، أو مدريد، ولا حتى بروكسل وسان بطرسبورغ الروسية ونيويورك من هجمات مروّعة، ما يثبت بالدليل القاطع أن الإرهاب ظاهرة عالمية لا تعترف بالحدود ولا بالجنسيات، وحتى إن كانت ترفع شعار الدفاع عن الإسلام وإقامة دولته، فهي في حقيقة الأمر، مهمتها الأساسية هي تشويه الإسلام وإلحاق أكبر الأضرار به وبمعتنقيه، وهدفها الأساسي هو تحصيل مكاسب مادية كبيرة، فالقتل والترويع، بات بالنسبة لسفاكي الدماء مصدر ثروة لا تنضب، حيث يستولون على أموال الضحايا الأبرياء، وينهبون ثروات الدول، بعد أن وضعوا أيديهم في أكثر من بلد على آبار النفط، ما جعل سعر الذهب الأسود يسقط في الحضيض، طبعا، فالإرهابيون يوفّرونه بأبخس الأثمان، والدول الصناعية الكبرى تستغل الفرصة لتعزيز احتياطاتها، دون أن تكترث للأمر، ففي النهاية ما يهمها هي المكاسب التي تحصدها وتغفل عن حقيقة جوهرية مفادها أن السّحر حتما سينقلب على الساحر.
شوكة الإرهاب، ورغم مرور ما يقارب العقدين من الحرب العالمية المعلنة ضده،استقوت وباتت مغروسة في جنبات كل الدول، والفعل الإرهابي أصبح في المتناول، فـ«الداعشي» لم يعد بحاجة إلى قنابل ومتفجرات وسيارات مفخّخة أو أحزمة ناسفة ليمارس فظائعه، إذ تكفيه شاحنة ليسحق بها المئات في لحظة واحدة، كما تكفيه سكين حادة  ليطعن  العشرات، والأمر كذلك بالنسبة للأسلحة النارية خاصة في الدول التي لا تحظر اقتناءها ... المهم أن الوسائل كلّها  وحتى أبسطها يمكن أن يستغلها الدمويون، وسنراهم في المستقبل يبتكرون طرق إجرام جهنمية لا يتصوّرها العقل ليتجاوزوا العراقيل التي تواجههم...
ظاهرة الإرهاب للأسف الشديد لا نراها تنحسر بل على العكس تماما، فالدمويون وبعد أن تنتهي مهمتهم القذرة في جهة معينة، ينتقلون إلى مناطق أخرى، وهو ما نعيشه في الأشهر الأخيرة، إذ يبدو بأن تنظيم «داعش» الذي أعلن قبل ثلاث سنوات  إقامة دولته الإرهابية في بلاد الشام والرافدين، ماض إلى الانسحاب من هناك بعد أن استكمل مهمته التدميرية، لينقل جحافل دمويّيه إلى مواقع أخرى نخشى أن تكون منطقة الساحل بينها، خاصة وأن تقارير استخباراتية تحذّر من تصعيد إرهابي محتمل هناك.
اليوم، أصبح الجميع في مرمى ضربات الارهاب، ما يحتّم على المجموعة الدولية أن تقف بحزم أمام هذه الظاهرة لتكثّف جهودها وتوحّدها قصد دحرها، وعلى الجهات الداعمة للدمويين التي تزودهم بالأموال والسلاح وتسهّل تنقلاتهم بين الدول ،أن تدرك بأنها كمن يربي ثعبانا في حضنه، ففي النهاية سينقض عليها بسمّه القاتل.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024