لا نجد حرجا في إعادة فتح ملف النفايات في مدننا الكبرى وضواحيها جراء الرمي العشوائي الذي بلغ مداه وبدرجة لا تطاق وغير مقبولة بتاتا وهذا عندما تتحوّل فضاءاتنا إلى أماكن منفّرة للإنسان عندما يشاهد ما يحيط به من مناظر مقزّزة تطلّ عليه يوميا في شكل أكوام من الأكياس المتراكمة.. ويزداد الأمر سواءً عندما يتخلّف أعوان النظافة في رفعها في الوقت المطلوب لذلك.. ولا تبقى لعدة أيام قبالة المجمعات السكنية لأسباب لا تعدّ ولا تحصى.. تارة إدارية وتارة أخرى تعود للامكانات المادية والبشرية.
ويلاحظ خلال الآونة الأخيرة، أن ما يرمى هنا وهناك تجاوز المعقول وأحدث إرباكا لدى المؤسسات المكلفة بإزالة هذه البقايا المنزلية نظرا للكميات الهائلة التي أصبحت المفرغات المقنّنة غير قادرة على استقبالها.
وما سطّرته الجهات المعنية من برامج يومية للجمع أصبح غير قابل للتطبيق، نظرا لحجم ما يلقى عبر الأحياء القديمة والجديدة وحتى بالمناطق البعيدة عن المدينة.. الشاحنات مطلوب منها أن تمرّ عبر كل تلك النقاط المعنية إن كان ليلا أو نهارا.
وبالرغم من محاولات بعض البلديات قصد تنظيم نفسها باتجاه توفير الحاويات البلاستيكية أو الهيدروليكية (المدفونة أرضا) واختيار أماكن لها بعيدة عن العمارات.. غير أن الجهات المسؤولة تقرّ بأن هذه النفايات تفوق امكانات المؤسسات المكلّفة بالجمع.
هذا ما دفع بولاية الجزائر إلى التنبيه إلى أن الامكانيات المادية والبشرية عاجزة عن مواجهة هذا الكمّ من الفضلات الملقاة في كل زوايا الأحياء أو أمام المحلات أو المؤسسات وغيرها.
لذلك، فإن المؤسسات الـ ٥ المكلفة بإدارة هذا القطاع «إكسترانات»، «نات كوم»، «إيربال»، «جيسيتال»، و»أسروت»، لم تصل إلى مبتغاها المطلوب موعزة ذلك إلى مسؤولية المواطن وتفشي ظاهرة اللامبالاة كعدم احترام الأوقات في إخراجها والنقاط المخصّصة لها، والفرز الانتقائي، وتخريب الحاويات، هذا كله أدى إلى تأثر مركز الردم التقني.
وبالتوازي مع ذلك، لم تتوقف ولاية الجزائر عند هذا الحدّ بل أجبرت التجّار، وأصحاب المؤسسات على الالتزام بتوقيت إخراج النفايات وهو الساعة السادسة مساءً، وإلا سيتعرّض هؤلاء إلى عقوبات صارمة.
وهذا العمل التحسيسي ليس ظرفيا بل ممتد في الزمن لدعوة المواطن والتجّار وأصحاب المؤسسات إلى مواكبة هذا المسعى الحضاري في تحقيق التجاوب بين الإدارة والفرد في المجتمع.
هذه العينة، المذكورة سالفا يمكن مسحها على باقي الولايات الأخرى التي تعاني حقا، من تنامي ظاهرة الانتشار الفوضوي للمفرغات بشكل مخيف وصل إلى حدود المحيط السكني، والأراضي الفلاحية والمؤسسات التربوية.. ناهيك عن التي أمام العمارات لا تحرك ساكنا.. وبالأسواق كذلك لا يعقل أن يتمّ بيع الخضر والفواكه، المواد الغذائية واسعة الاستهلاك، الأسماك، اللحوم الحمراء والبيضاء أمام المزابل أو برك المياه الآسنة للأسف هذا ما نسجله يوميا عبر أسواقنا.
لذلك، فإن هذا الملف عبارة عن حلقات تكمّل بعضها البعض، فالحديث عن غزو النفايات يؤدي حتما إلى تناول تبعات هذا الوضع من مسؤولية المواطن، تشبع المفرغات والآثار المترتبة عن ذلك في محيطه يضاف إلى قيام البعض من الناس بإلقاء بقايا من الأشغال المنزلية من أكياس للأحجار وأخشاب قبالة منازل السكان.