1760 مليار دينار جزائري هو مبلغ التحويلات الاجتماعية الذي تضمنه قانون المالية لسنة 2018 و صادق عليه مجلس الوزراء المنعقد أمس برئاسة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة لتقفز بذلك هذه التحويلات بنسبة 8 من المائة مقارنة بقانون المالية لسنة 2017 وهي أرقام تعبر دون أدنى مجال للشك أو التأويل عن تشبث الدولة بوظيفتها الاجتماعية وهذا رغم الصعوبات المالية المنجرة عن تراجع أسعار النفط ويؤكد في الوقت نفسه أن هذه السياسة الاجتماعية لا تتلخص في أرقام ضمن مقاربة اقتصادية ولكن عقيدة دولة ومبدأ راسخ جعلتها سياسة متواصلة تستمد روحها من مبادىء نوفمبر التي أرست الأسس الأولى لمفهوم دولة اجتماعية لا تتخلى عن مواطنيها مهما كانت الظروف، كما تثبت في الوقت نفسه أن الجزائر لاتزال تمتلك هامش اتخاذ قراراتها الاقتصادية والسياسية بكل سيادة بعيدا عن أية إملاءات أو ضغوط.
هذا وتأتي رسالة الاستمرار في النهج الاجتماعي للدولة مطمئنة للأنفس وبعثت عربون أمل إلى الشعب الجزائري و إلى الطبقات الهشة على وجه الخصوص التي أنهكتها خطابات سوداوية ومثبطة روجت لروايات إفلاس الدولة وعجزها عن القيام بواجباتها تجاه تلك الفئات وأن سياسات الدعم والإسكان والصحة أصبحت من الماضي جراء الضائقة المالية التي تمر بها البلاد، ونسي أو تناسى أولئك أن الجزائر لم تتخل يوما عن هذا النهج الاجتماعي وسياسات الدعم وترقية ثقافة التضامن الوطني حتى وهي تعيش أحلك الظروف خلال الهجمة الإرهابية الشرسة التي كانت مشفوعة آنذاك بحصار اقتصادي ودبلوماسي من بعض الدول التي كانت تعتقد أن الفرصة قد حانت أخيرا للابتزاز والحصول على التنازلات.
إن الاستمرار في سياسة التحويلات الاجتماعية ستقطع دون شك الطريق أمام كل المتربصين الذين ينتظرون أدنى سانحة لتحريك الشارع والزج بالبلاد في أتون الفوضى وتقويض الاستقرار الذي تعيشه البلاد والذي يدين بشكل كبير إلى هذه السياسة الاجتماعية.