كنت لا أود الحديث عن هزيمة فريقنا الوطني، لان الامر كان مفصولا فيه منذ البداية واعتبرت الفوز من المستحيلات السبع كما يقال، أو لحاجة في نفسي أتحملها، هذا بالرغم من أنني لست مناصرا وفيا، له باع المتابعة والمشاهدة، منذ عهد «موقعة أم درمان»، ولن تضعف نظرتي بشأن كرة القدم أو أفيون الملاعب، إلا مع إعادة ترتيب هذا البيت وإعادته إلى السكة مثلما تعود العانس إلى رشدها مع قدوم آخر خطيب طالبا يدها.
بالفعل كنت لا أود الخوض في مثل هذه الهزائم لولا أنها جاءت بنكهة الفرحة عيد الأضحى؛ عيد لم يكتمل، عكر الإرهابيون الظلاميون صفو سريرته إثر الهجوم الانتحاري الذي تعرضت له بناية الشرطة بمدينة تيارت وسقط فيه الشهيد الطيب الشرطي المكابد، مدافعا عن تاريخ أمة مقدما جسده فدية ليعيش غيره في أمن وأمان، مانحا الحياة لمئات من المواطنين وزملاءه في الأشهر الحرم.
اختار الطيب الولاء للوطن تاركا أرملة وفلذات كبده يواجهن العيد دونه، وتبقى تلك الصورة قابعة في ذاكرتهم الى الابد، فيما اختار بعض لاعبينا خوض معركة الاقدام غير آبهين بالراية الوطنية، ولا معتبرين للقلوب التي حبست أنفاسها طيلة ساعة ونصف من الزمن، لتكون المفاجأة من عيار لا قبل لنا بها وهي مغادرة المونديال بكل أسف وجبن.
بين عمل بطولي فردي قدمه شهيد الشرطة الطيب وزميله ساعد، هي بطولة ما أنجب التاريخ مثيلا لها، بل هي تذكرنا بمآثر أبطال ثورتنا المجيدة، وبعض البطولات التي رسمت مشاهدها بحروف من ذهب خلال العشرية السوداء، لا خيارات أمام الأسود المغاوير إما النصر، او الشهادة، فكانت الشهادة حليفهم.
هيهات هيهات.. التضحية حكر على أولئك البسطاء الأوفياء للقيم الوطنية والتاريخية، الوفاء للوطن هو خنوع والتزام للوحدة الترابية دون مقايضة ولا مقابل، أما ما دون ذلك فكأنما نقوم بذر الرماد في الأعين لطمسها، لذلك أدعو القائمين على الرياضة في وطني الى إعادة النظر في تركيبة الفريق ووضع اول الشروط الامتثال للواجب الوطني الذي يعتبر إلزاميا والخسارة على الأرض تعني الردة والخيانة، حتى لا أقول شيئا آخر.