أثبتت أطر اف الثلاثية في الاجتماع التشاوري بقصر الحكومة التزامها بتنفيذ تعليمات رئيس الجمهورية في اعتماد التضامن والتجند والوحدة خيارا في السير نحو بناء منظومة اقتصادية بديلة يعول عليها في إدارة الظرف المالي الصعب والخروج من تقلبات أسعار البترول الدائمة عبر أقصر مسافة وأقل كلفة وتضحية.
وأظهرت الأطراف جدية في تقاسم المهام لتجسيد خارطة طريق ما انفك الرئيس بوتفليقة يدعو إليها منذ حلول بوادر الأزمة المالية التي هزت مختلف اقتصاديات المعمورة وانهارت من خلالها مناطق الاروزون، الدولار والين ولم تستثن الجزائر التي تراجعت مداخليها بشكل رهيب ما فرض الرشادة في التسيير والعقلانية في النفقات وضبط أولويات المشاريع واختيار ما هو أجدر وأجدى لتحريك الآلة الإنتاجية وتوفير مناصب شغل لجامعيين وخريجي مدارس عليا حاملين لمعارف وتخصصات تؤهلهم للمساعدة في إعطاء تنافس أكبر للمؤسسة المحطة المفصلية في الإقلاع الوطني.
وتبين من خلال مداخلات الحكومة والشركاء أن المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد لا تحمل النظرة التشاؤمية المفرطة والتحاليل السوداوية المروّجة من أناس يتمادون في إطلاق العنان لتعابير تخويف الرأي العام أكثر من تجنيده لفهم التحول والاقتناع بالخيارات المنتهجة التي سبق للجزائر أن اعتمدتها في أحلك الظروف وخرجت منها بمكاسب وإنجازات.
في مقدمة المكاسب العقد الوطني للنمو الذي برهنت من خلاله أطراف الثلاثية أنها جديرة بتسيير المراحل الانتقالية بروح التضامن والانضباط والمسؤولية، تساعد على مواجهة الطوارئ بتدابير وقائية ورؤية بعيدة المدى لا تحتمل السقوط في اليأس، القنوط والغوغائية.
كان لهذا التوجه السليم أثره البالغ في تحريك دواليب الاستثمار والعودة بالمؤسسة الجزائرية المنتجة التي انهارت في فترات التعديل الهيكلي بداية الثمانينيات وأثناء موجة الإرهاب الأعمى إلى واجهة الأحداث والمشاهد. وصارت الدول تتبارى من أجل اعتماد الحوار الاجتماعي الاقتصادي المنجز في الجزائر، مرجعا يتّبع للخروج من أزمات معقدة ومشاكل متراكمة لا تقبل الانتظار.
هذه المكاسب التي أنجزت بتضحيات متقاسمة بين الحكومة والشركاء بعد فترات عصيبة من العشرية السوداء وإملاءات “الافامي”، يراد لها أن تتجدد وتتجسد في ظرف يكاد يكون مشابها لما مضى، يعطي حركية أكبر وأوسع لآلات الإنتاج للشروع في الدوران لخلق الفائض الممون للسوق الوطنية والتصدير أقوى الرهانات وأكثرها استحقاقا ومطلبا.
يراد لهذه الحركية التوسع في أطر نظامية قانونية تستفيد من خلالها المؤسسة صانعة المعجزة والطموح من الدعم المنتظر للمساهمة في ما انتهجته الجزائر من سياسة اقتصادية ذات مضمون اجتماعي تعزز التضامن الوطني القاعدة الثابتة المرسخة في مواثيق الثورة الجزائرية والتي حافظ عليها رؤساء الجمهورية واعتبروها خطا أحمر في كل الحقب والمراحل.
شيء واحد ووحيد بقي في المعركة المصيرية التي تعد تضحية أخرى من أجل المواطن والوطن، التعبئة العامة لرفع تحدي الأزمة المالية من خلال التشاور الموسع لإقرار بدائل الحل الممكن مخرج النجاة بصفة جذرية تعيد الثقة للأنفس الجريحة والضمائر التائهة بعيدا عن الترقيعات والانتقالية الدائمة.