يبدو أن توجه بعث صناعة عسكرية وطنية يمشي بخطى ثابتة فثمار هذا الخيار ظهرت اليوم للعيان و بالأرقام، مما يؤكد أنه خيار استراتيجي بعيد المدى ليس له أهداف لوجيستية فقط و لكن اقتصادية واجتماعية كذلك، ضمن مقاربة شاملة تجعل المؤسسة العسكرية أحد محركات الاقتصاد الوطني في مساره نحو التخلص من سطوة النفط وتقلبات أسواقه وكذا التقليل من البطالة عبر خلق مناصب عمل قارة وتكوين يد عاملة وطنية تتحكم في التقنيات الحديثة خاصة وأن صناعة السيارات أصبحت من الصناعات عالية الدقة التي تحتاج إلى يد عاملة عالية الكفاءة والتأهيل وهذا مسار مكمّل للرهانات التي وضعتها القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي من أجل الوصول إلى صناعة عسكرية وطنية حقيقية مع مراعاة التدرج في رفع نسبة الإدماج في مسارات التصنيع والتركيب.
لا شك أن تسليم الآلاف من الشاحنات، الحافلات لمؤسسات وطنية عسكرية ومدنية يعتبر العربون الأولي لصناعة العسكرية لها دور محوري في مسار الإنعاش الاقتصادي وأنها توجه يمكنه أن يوفر الملايير من الدولارات على الخزينة العمومية ويعزز فرضية توجيه هذه الأموال إلى بناء قاعدة صناعية وطنية تكون قادرة - في أسوأ حالاتها- على خلق الآلاف من مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة مما يعكس في الوقت نفسه البعد الاجتماعي لهذا الخيار..
إن الصناعة العسكرية هي معركة أخرى يكسبها الجيش الوطني الشعبي تضاف إلى سلسلة المعارك الأخرى وعلى رأسها دحض الإرهاب التي لا تزال متواصلة ودون هوادة ولا استرخاء إلى غاية القضاء على شأفته نهائيا وبما أنها معركة مصيرية فقد سخرت لها كل طاقات وإمكانيات هذه المؤسسة وجعلتها تنسحب من مشاهد أخرى بينما كان الجيش بالأمس القريب رأس حربة في كل المحطات التنموية الكبرى للبلاد، في شق الطرقات وتعبيدها وبناء المناطق الصناعية ومكافحة التصحر والتكوين المهني المتخصص في مختلف المجالات إلى درجة أن كل سائقي آليات الأشغال العمومية تقريبا في بلادنا تلقوا تكوينهم لدى أدائهم لواجب الخدمة الوطنية واليوم تسجل المؤسسة العسكرية عودتها القوية إلى المشهد الاقتصادي والأرقام تثبت أن هذه ما هي إلا البداية فقط والقادم أحسن.