يتجه قطاع العدالة لإعطاء نفس جديد للتشريعات المتعلقة بالاقتصاد ينطلق من مراجعة وتكييف جملة من النصوص لمواكبة التغيرات وإدراك المستجدات التي يحملها النموذج الجديد للنمو على غرار القانون التجاري في جانب العقود وإنقاذ الشركات التي تعرف صعوبات مالية وكذا القانون المدني في شق التأمينات العينية مثلما سبق أن أعلنه وزير العدل حافظ الأختام. وبهذا يدخل الوزير الطيب لوح معركة جديدة تتعدى الإطار التقليدي للقضاء ليساهم في تنمية وتعزيز الأرضية القانونية للاقتصاد من خلال توفير الأدوات القانونية الملائمة التي تعمق من حالة انفراج مناخ الاستثمار وتزيل كل العقبات التي تعيق النمو وتضع المؤسسة في ظروف أفضل.
بالمقابل تحرص ورقة طريق الجيل الثاني لإصلاح العدالة، إن أمكن وصفه كذلك، على إرساء أحكام جديدة ودقيقة على جبهة مكافحة الفساد وقطع دابر الجريمة الاقتصادية التي تعرف تطورات بتطور المعاملات المالية بالأخص وانتشار التكنولوجيات الجديدة. ومن اجل بلوغ الهدف المتوخى يتم إشراك المجتمع المدني في إثراء النصوص، وفقا لما أكده سابقا ذات الوزير، للمساهمة في توضيح الرؤية التشريعية الجديدة وضبطها على ساعة النمو مع الحرص على التصدي للفساد بكافة أشكاله حماية للاستثمار المنتج وتعزيزا لقيمة العمل وحماية للتنافسية النزيهة.
من شأن هذا التوجه النوعي لقطاع العدالة أن يطمئن المؤسسة الاقتصادية والمستثمر الجديد المحلي والأجنبي ليتفرغوا جميعا لمهمة الإنتاج انسجاما مع مخطط الحكومة الرامي إلى مواجهة تداعيات الصدمة المالية الخارجية من خلال توفير المناخ المناسب لإدماج كل القدرات المحلية المالية والصناعية والإبداعية في النموذج الجديد.
سوف يكون لمسار التكوين النوعي للقضاء وتأهيل موارده البشرية على كافة المستويات في المجالات الاقتصادية المتشعبة مثل المالية والصفقات والتجارة الخارجية والجودة ومكانة في ورقة طريق النهوض بالقضاء الذي يعول عليه في ضبط الساحة ضمن المعالم التي رسمها الدستور، بحيث يتم اعتماد آليات حديثة تضمن للجهاز القضائي بكل مستوياته فعالية في التصدي لما يؤول إليه من نزاعات وقضايا لا تحتمل التأخر أو التماطل أو التعطيل.
إذا كانت العدالة بكل مرافقها قد قطعت شوطا نوعيا في تعميم استعمال تكنولوجيات الاتصال الجديدة مما قلص من سلطان البيروقراطية وكسر بعض أشواكها، فإن التحدي القائم اليوم يكمن في تعزيز مسار التحول الاقتصادي من خلال ترقية الأحكام وتطوير الإجراءات المتعلقة بمعالجة النزاعات وتسوية الخلافات وفقا لمعايير الفعالية الاقتصادية التي ترتكز أصلا على فعالية القضاء وحوكمة تسييره، بحيث لا يعقل أن تبقى مؤسسات ومشاريع استثمارية رهينة نزاعات لا تنتهي وتستغرق وقتا طويلا بقدر ما تستوجب مرافقة ذكية يلعب فيها القضاء المحرك الرئيسي للحل الأنجع أخذا في الحسبان مصلحة الاقتصاد الوطني.