التسوية الأممية..

جمال أوكيلي
18 أوث 2017

مبعوث أممي آخر يعين للإشراف على إيجاد تسوية عادلة للقضية الصحراوية ألا وهو الألماني هورست كوهلر بعد انسحاب كريستوفر روس خلال الأشهر الماضية احتجاجا على رفض المغرب الانصياع لقارات الشرعية الدولية، وتماديه في فرض لاءاته المتعارضة مع كل اللوائح الصادرة عن مجلس الأمن والمخالفة للنداءات الصادقة الراغبة في الإسراع من أجل إيجاد الحل المناسب الذي يتماشى مع كل هذه الالتزامات.
منذ شهر أفريل المنصرم تاريخ صودر اللائحة ٢٣٥١ الداعية إلى إجراء مفاوضات مباشرة بين طرفي النزاع المغرب وجبهة البوليسايو سجل صمت بالرغم من تعهدات غوتيريس عند استلام مهامه في مطلع جانفي المنصرم بأنه سيسعى من أجل التوصل إلى إنهاء الانسداد السياسي الراهن في أقرب وقت.
ونحن الآن في الشهر الثامن من تلك التصريحات لم يطرأ أي تغيير يذكر وتكون هذه المساحة من الوقت كافية لكل المعنيين بالاطلاع الكافي على حيثيات القضية بالتفصيل خاصة بالنسبة لـ “كوهلر” الذي كلفه الأمين العام منذ شهر أفريل والصورة واضحة للمبعوث الجديد إلى غاية يومنا هذا في الإحاطة بكل العناصر الأساسية للقضية الصحراوية أمميا وإفريقيا.
ولابدمن الاشارة هنا إلى أن القيادة الصحراوية صاحبة الدور الطلائعي في مثل هذه الأوضاع مافتئت توجه نداءات عاجلة لمجلس الأمن من أجل حماية الشعب الصحراوي في الأراضي المحتلة والالتفات إلى مايتعرض له معتقلو “إكديم إيزيك” من ضغوطات نفسية غير انسانية خلال محاكمتهم الصورية.
هذه التطورات السيايسة مدونة بالتمام في أجندة المبعوث الجديد، عبارة عن خارطة طريق توصله إلى المبتغى المرجو، ستدعمه في ذلك الاتصالات المباشرة، مع الأطراف المعنية من خلال الزيارات المرتقبة في غضون المواعيد القادمة للاستماع بدقة لكل مايقال له للشروع في تطبيق ماتضمنته اللوائح الصادرة عن مجلس الأمن، والمطالبة بتنظيم الاستفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي.
هذه الحقائق لامفر منها غير أن مايتطلب الأمر الإشارة إليه هو أن كوهلر مدعو إلى أن يكون يقظا وفطنا إزاء المغالطات المغربية التي اعتاد اعتمادها في تلاعباته حيال هذا الملف وهذا بتقديم معطيات بعيدة كل البعد عن الواقع تترجم ذهنية المحتل في تواصله مع المنتظم الدولي ربحا للوقت وإطالة عمر الاحتلال الذي يمكث على هذه الأرض منذ مسيرة العار والدمار.
علما في هذا الشأن، بأن كوهلر يحوز على تجربة واسعة في تسيير الملفات الكبرى خاصة الاقتصادية منها ويسمح له هذا الرصيد بأن يكون في مستوى التطلعات المعقودة عليه وسيلقى كل الدعم من قبل الصحراويين وحتى من الجزائر لتأدية مهامه في أحسن الظروف المرجوة وفق مقاربات جديدة مرجعيتها ماورد عن الأمم المتحدة.
وسينطلق كوهلر من مسافة واحدة تجاه الأطرف المعنية وعلى ضوء مايستمع إليه يفهم جيدا طبيعة النزاع بأنه قضية تصفية استعمار ومايتخوف منه المتتبعون هو عودة المغرب إلى سلوكاته المناوئة للمبعوثين الأميين الذين عانوا متاعب مع هذا البلد برفضه التعامل معهم وفرض أمر واقع مخالف تماما لما أقرته المجموعة الدولية.
لذلك فإن هذا المبعوث الأممي مدعو إلى أن يكون حذرا مع المغرب خاصة تجاه تلك الحلول التي تجاوزها الزمن ولم تعد صالحة كالترويج لما يسمى بالحكم الذاتي والجهوية المتقدمة في الأقاليم الجنوبية والوحدة الترابية وغيرها من الصيغ الوهمية غير الموجودة في الواقع، وإنما شعارات ترفع في وجه البعض المغرورين الذي يعتقدون بذلك ويطلقون أوصاف عليها تندرج في إطار تقاسم الأدوار والتلاعب بالرأي العام.
هذه هي “ الاسترايجية” التي سيتبعها المغرب مع كوهلر أي بيع الأوهام للآخر وسيرتكب خطأ فادحا لا يغتفر إن كرر هذا الأمر مع المبعوث الجديد الذي يبحث عن الحل الأممي وليس الحل القادم من الرباط، وإن تمادى في ذلك فإن نواياه تبقى غير صادقة.
ويسقط ثانية في مطب تخريب المساعي الأممية الجديدة، كما دأب على ذلك لأن هذا الرجل لا يأتي إلى المنطقة من أجل تزكية المشروع المغربي الاستعماري أو إضفاء المصداقية على “أفكار” بعيدة عن المنطق الأممي وإنما مطالبة المغرب بالإذعان لقرارات مجلس الأمن بمنطوقها الحرفي وعدم الاجتهاد في تفسير مضمونها بأنها جاءت لصالحه مثلما نقف عليه كل شهر أفريل.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024