تعود حرب التقارير من جديد ضمن سياسة أصبحت معروفة هدفها ممارسة الضغوط والابتزاز ولي الأذرع على غرار التحذير الأخير الذي أصدرته الخارجية الفرنسية والتي تحذر فيه رعاياها من خطر السفر إلى الجزائر بدعوى انعدام الأمن، والذي خص بالذكر المناطق الشرقية والجنوبية للبلاد وهو تخصيص يبدو أنه غير بريء هدفه التشكيك في مصداقية ما يقوم به الجيش الوطني الشعبي والمصالح الأمنية من مجهودات على طول حدودنا الشرقية و الجنوبية التي أثبتت فعاليتها وبالأرقام والإحصائيات التي تفند كل تلك المغالطات، فبالرغم من الاضطرابات التي تعيشها دول الجوار على هذه الحدود والتهديدات المترتبة عن ذلك إلا أن الوضع متحكم فيه و الأمن مستتب و لم يتم تسجيل أي اعتداءات إرهابية في كل تلك المناطق ولا في مناطق أخرى على مدار سنوات بل وعلى العكس أصابت تلك الإجراءات الجماعات الإرهابية والإجرامية باليأس والإحباط فوجدت نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما وهما إما الموت أو الاستسلام والكثير منهم سلّموا أنفسهم لقوات الجيش والأمن وهذا في الوقت الذي تعرضت فيه الأراضي الفرنسية لعشرات العمليات الإرهابية خلال سنة واحدة وفي قلب العاصمة باريس ؟!
يبدو أن فرنسا أصبحت تمتهن وظيفة «مستعمر سابق» و ترى أن هذا يعطيها امتيازات مناطق النفوذ والسيطرة وأنها لا زالت ترى أنها هي الجهة الوحيدة المخولة للتحدث عن الأوضاع الأمنية في إفريقيا وفي الجزائر تحديدا وهي وحدها من تقرر إذا كان هناك رعود أم أن الطقس جميل!
لم يعد يخفى على أحد أن تلك التقارير التي أصبحت تصدر- كما يبدو- بشكل دوري وروتيني تعتمد على تقارير أمنية يعدها موظفو القنصليات والسفارات والتي كثيرا ما تكون مغلوطة ومضللة لكي لا تروح عليهم (منحة الخطر) التي يستفيدون منها مقابل أداء مهامهم في بلدان كانت تشهد أوضاعا أمنية استثنائية إلا أنه و رغم تغير الأوضاع نحو الأحسن واستتباب الأمن إلا أن تلك التقارير احتفظت بتلك الصورة السلبية النمطية من أجل الحفاظ على تلك الامتياز دون أدنى اعتبار لحجم الضرر الذي قد تلحقه بالمصالح بين الدول والعلاقات بين الشعوب، يضاف إلى ذلك الملفات الإعلامية التي كثيرا ما يتم الاعتماد عليها في إعداد تلك التقارير وكل هذا يجعلها مشبعة بالأحكام المسبقة ويجعلها أبعد ما تكون عن الموضوعية وعن الواقع ولكن رغم ذلك توظف عند الحاجة، أفلم تكن تلك التقارير المغلوطة والمسيّسة سببا في خراب كثير من البلدان أو في خنق بلدان أخرى اقتصاديا بجعلها وجهة غير مرغوب فيها للمستثمرين ولرؤوس الأموال و اضطرتها إلى إعلان إفلاسها، أفلا يعتبر هذا ضربا من الحروب ؟