يأتي تعيين السيد أحمد أويحيى على رأس الوزارة الأولى في وقت حساس تواجه فيه الجزائر تحديات داخلية وخارجية، فعلى الصعيد الداخلي تمر بلادنا بصعوبات مالية واقتصادية جراء تراجع أسعار النفط ومخاض انتقال فرض وضع خطط استعجاليه لإيجاد مداخيل بديلة تضمن للجزائر الخروج من اقتصاد الريع إلى اقتصاد المعرفة والثروة دون المساس باستقلالية قرارها السياسي أي بعيدا عن أية ضغوط أو مساومات قد تمس باستمرار الدولة في أداء وظيفتها الاجتماعية التي تعتبر من أكبر مكتسبات ثورة نوفمبر المجيدة وحجر زاوية في الحفاظ على السكينة الاجتماعية خاصة وأن الجزائر مقبلة على موعدين انتخابيين هامين وهما الانتخابات المحلية شهر نوفمبر القادم والانتخابات الرئاسية سنة 2019.
خارجيا الوضع لا يقل تعقيدا عما هو عليه في الداخل، فالجزائر وجدت نفسها محاطة بحزام من الاضطرابات والقلاقل على طول حدودها الشرقية والجنوبية جراء الأوضاع السائدة في ليبيا وفي منطقة الساحل مما زاد من استفحال التهديدات الإرهابية وانتعاش عصابات التهريب والجريمة المنظمة وإلى كل ذلك تأتي ظاهرة الهجرة غير الشرعية القادمة من إفريقيا جنوب الصحراء لتنضم إلى قائمة الأعباء والتحديات بعدما أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على أمن و استقرار بلادنا وهذه كلها تحديات يبدو أنها تحتاج إلى رجل من طراز أحمد أويحيى المعروف عنه الحزم والصرامة في تسيير وإدارة الشأن العام وكذا إطلاعه وتحكمه في الكثير من الملفات الذي جاء بفضل تراكمات وخبرة سنوات طويلة في التسيير مما أعطاه خاصية أساسية لا بد من توفرها في رجل بحجم وزير أول وهي اجتماع المهارة السياسية والحنكة الدبلوماسية في الوقت نفسه وهما خاصيتان يبدو أنهما تتوفران في أويحيى نظرا لمسار قطعه كرجل دولة ومشبع بثقافتها تقلد خلاله العديد من المناصب والحقائب الوزارية من أبرزها مديرا لديوان رئاسة الجمهورية لمرتين و رئيسا للحكومة لعدة مرات، وزيرا للعدل و كاتب دولة ومستشارا لدى رئاسة الجمهورية ووزير دولة ممثلا شخصيا لرئيس الجمهورية كلها تراكمات أكسبته مفاتيح مكنته من فك شيفرة أزمات في إطار وساطات أطلقتها الجزائر وقادها أحمد أويحيى أثبت خلالها أنه مفاوض مقتدر عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن المصالح الحيوية للجزائر.
الأكيد أن المهمة التي تنتظر الوزير الأول الجديد ليست سهلة حيث سيجتاز وطاقمه الحكومي أول امتحان بعد أيام قليلة وهو الدخول الاجتماعي الذي يعتبر باروميتر مدى قدرة الحكومة ونجاعتها في رفع التحديات سابقة الذكر.