إلى أين تتجه القضية الصحراوية؟ يطرح هذا السؤال من باب التعتيم السياسي والتشويه الإعلامي الممارس من قبل المجموعة الدولية، التي لم تكن في مستوى تطلعات هذا الشعب المناضل عقب الأحكام الجائرة الصادرة في حق مجموعة «إكديم إيزيك».
ومنذ إنزال تلك العقوبات القاسية المسلطة على هؤلاء المناضلين البواسل، إلتزم العديد من دعاة الدفاع عن حقوق الإنسان الصمت عمدا حتى لا يأخذ هذ الملف أبعاده على الصعيد الأممي، ويبقى محصورا في نطاق ضيق جدا.
لا نسمع أنين أصحابه المنطلق من أعماق وجدان أناس عانوا الويلات في غياهب سجون الإحتلال، وضغوط المحاكمات الصورية، التي توصف بالمهزلة كونها أرادت استئصال جذوة النضال من كينونة هؤلاء.
هذا هو الحدث المأساوي الذي أثر كثيرا في نفسية كل من تابع مجريات أو وقائع المحاكمة المحبكة خيوطها بإحكام، والتي كانت في كل مرة تؤجل بسبب خلو الملف من عناصر تظهر تورط المقبوض عليهم في تلك الأحداث، ورافق ذلك رفض أو بالأحرى تخوف المغرب من إصرار المنظمات الحقوقية العالمية على حضور فصول المحاكمة، والتي اعتبرها كل الملاحظين بأنها تحمل الطابع السياسي المحظ، ولا يحق للمغرب إجرؤها خارج الصحراء الغربية.
ومباشرة تعالت الأصوات المحبة للعدل تضامنا مع المعتقلين من كل القارات موجهين رسائل قوية المضمون لحكوماتهم قصد الاستفاقة من هذا السبات العميق، والتفاعل بالسرعة المطلوبة مع أناس حياتهم معرضة للخطر في كل لحظة نتيجة ما تعرضوا له من تعذيب أثر على صحتهم وحالاتهم النفسية.
وللأسف لم يكن هناك تحرك آخر على مستويات أعلى، هذا ما يؤكد التواطؤ السياسي المنبوذ والتحايل الإعلامي المفضوح لبعض الأطراف المعروفة التي تريد السكوت عن هذه القضية العادلة وإخفاءها عنوة حتى تحجب عن الرأي العم العالمي ويكون مصيرها النسيان، وهذه هي الاستراتيجية المتبعة في المرحلة القادمة بدليل أن الملك محمد السادس لم يشر إليها في خطابه بمناسبة عيد العرش، وهي نصيحة أسداه إياها حلفاوه التقليديون الذين طالبوه بتقليص ذكر القضية الصحراوية في خطاباته لماذا يا ترى؟
لأن هؤلاء يقدمون له مساعدة خيالية لم يحلم بها ويعملون بالمناولة له في إفريقيا وفي بقاع أخرى من خلال الضغط على الكثير من البلدان في القارة، قصد التبول بهذا البلد في الحضيرة السمراء، وفتح له أبواب مؤسسات لا علاقة له بها جغرافيا، والكثير يتحفظ على إنضمامه وهو مؤجل إلى أشعار آخر.
ولا يستطيع هؤلاء مهما أوتوا من حيل سياسية إقصاء الشعب الصحراوي من المؤسسات الإفريقية، أو من جهات أخرى، وسيكون مصير هذه المناورات المكشوفة الفشل الذريع، لأنها تنجز في وسط غير طبيعي غير مبنية على رؤية واضحة، ومنطق سليم، ونظرة مؤسسة بل أن مرجعيتها تستند إلى التلاعبات والتحالفات الظرفية، ستتلاشى مع مرور الزمن، وستسقط كأوراق الخريف إن آجلا أم عاجلا، وهذه قناعة عميقة لدى كل الأحرار ولن يكون الشعب الصحراوي أبدا لقمة سائغة سهلة الهضم لدى هؤلاء المتآمرين على بلده.
وبناء على هذه الإرادة الوطنية الصلبة فإن القضية الصحراوية توجد في الإتجاه الصحيح والسليم، بالرغم من كل محاولات الحصار السياسي والطمس الإعلامي المفروض من قبل المحتلين وحلفائهم على أكثر من مستوى.
وهكذا فإن دخول المغرب إلى الإتحاد الإفريقي لن يكون سهلا سياسيا والصخب الإعلامي المقام هنا وهناك، والتطبيل المتواصل لأي حدث في القارة يحضره سيكلفه من ناحية الإلتزامات المفروض أن يحترمها فورا، وهذا من خلال حزمة من تلك النقاط الجوهرية، تبدأ أولا بشروع الإتحاد الإفريقي في التكفل بإيجاد تسوية للنزاع القائم بين المغرب وجبهة البوليساريو، يلي ذلك تطبيق آليات أخرى منها السماح للمبعوث السامي للإتحاد الإفريقي السيد شيسانو بالذهاب إلى العيون للوقوف على الوضعية الحقيقية للصحراويين، ومشاركة قوة إفريقية إلى جانب القبعات الزرق وغيرها من التوصيات مدعو أن يحترمها، إن أراد المحافظة على عضويته وهذا هو تحدي المرحلة القادمة بالنسبة للمغرب فيما يتعلق بالقضية الصحراوية.
والقيادة الصحراوية على دراية بكل ما يخططه المغرب ومن يسير على دربه، رافضة النزول إلى هذا المستوى السياسي للبلد المحتل، في سلوكاته المنافية لحد أدنى من العمل الدبلوماسي المتعارف عليه مثل تلك المحاولات اليائسة في دكار مالابو وكينغشون.
وفي المقابل، فإن حكمة وتعقل المسؤولين الصحراويين سمحت لهم بالاستفادة من احترام العديد من الدول، وهذا باتباع القنوات الدبلوماسية في مخاطبة الآخر دون إلحاق الضرر بأي كان، غير أن هذه القيادة المحنكة تنتظر ما يسمى برجع الصدى كما تؤمن إيمانا قاطعا بالقول المأثور «للصبر حدود».