كانت أبواب الجزائر ولا تزل مفتوحة أمام الشعوب المكافحة من أجل قضاياها العادلة ولاستعادة حريتها واستقلالها ولا عجب في ذلك فالجزائر مشهود لها في الدفع بمسار استكمال تحرير القارة الإفريقية من الاستعمار، حيث احتضنت حركات التحرر الوطني الإفريقي و دربت الكثير من رجالات ورموز الحرية ومكافحة الميز العنصري في القارة السمراء على غرار نيلسون مانديلا وهي التي وقفت ولا تزال إلى جانب الشعبين المحتلين الفلسطيني والصحراوي ولم تبدل تبديلا ولهذا لم يكن وصف «قبلة الثوار» الذي أطلقه الزعيم الافريقي أميلكار كابرال على الجزائر رميا للورود.
استمرارا في هذا النهج تفتتح اليوم بمدينة بومرداس فعاليات الطبعة الثامنة لإطارات البوليساريو والدولة الصحراوية وهي محطة أخرى تجدد من خلالها الجزائر التزامها بدعم القضايا العادلة واحتضان حركات التحرر تجسيدا لروح التضامن مع المضطهدين و»المحڤورين» وهذا تصرف لا يمكن اختصاره في موقف سياسي فقط ولكن التزام نابع من ثقافة تضامنية متأصلة لدى الشعب الجزائري ولعل كل من تابع المقابلة الكروية التي جمعت الفريق الوطني الجزائري والفريق الفلسطيني العام الماضي يكون قد فهم الرسالة التي بعث بها الشعب الجزائري إلى العالم وإلى الاشقاء الفلسطينيين عندما ناصر فريق الخصم على حساب المنتخب الوطني نفسه ولا أتصور أنه في حال يواجه المنتخب الصحراوي المنتخب الوطني سيتصرف الجمهور الجزائري غير هذا لأنه طبع أصيل والطبع يغلب التطبع دائما، فالشعب الجزائري جبل على الوقوف في صف المظلومين خاصة عندما يتعلق الأمر بالبعدين الإفريقي والعربي، تصرف يستند إلى قناعة تتغلب على المواقف السياسية الظرفية التي تخضع لحسابات المصالح وهذا ما يفسر المواقف المبدئية للجزائر التي لم تتخل عنها حتى وهي تمر بأحلك الظروف وفضلت التمسك بها وحيدة ولم تستسلم أمام المساومات والضغوط وقاومت العاصفة حتى انجلت الرؤية .
إن احتضان الجزائر للجامعة الصيفية للبوليساريو ليس إلا مشهدا من مشاهد التضامن مع الشعب الصحراوي و مع كل شعوب ودول القارة الإفريقية فالأشقاء الصحراويون الفارون من بطش الاحتلال كانت لهم الجزائر الملاذ الآمن ولا تزال على مدار أكثر من 40 سنة ولا تزال في انتظار استرجاع أراضيهم المسلوبة كما وجد الفلسطينيون والسوريون والأفارقة القادمون من جنوب الصحراء بدورهم ولاعتبارات إنسانية الملاذ الآمن كذلك وتم استقبالهم وإيواؤهم رغم وضعهم غير القانوني إلا أن عصابات تهريب البشر والدعارة والتسول دخلت على الخط وأخلطت كل الأوراق فأصبح وجود هؤلاء خطرا حقيقيا على أمن الجزائر واستقرارها.