السيـاسي والاقتصـادي.. علاقـــة غـير متكاملــة

فنيدس بن بلة
07 أوث 2017

أعطى البروفيسور محمد حشماوي قراءته في مكانة الخبير الاقتصادي أو المستشار في المشهد الاقتصادي الجزائري المقبل على تغيرات كبيرة يفرضها الظرف الصعب  وإملاءات تحديات الراهن والآتي مقدما أدق التفاصيل عن معادلة غير متوازنة بين الاقتصادي والسياسي  والتكامل الوظيفي المفقود رغم حاجة كل واحد للآخر.
وقال حشماوي في ندوة «الشعب» التي تمحورت حول قضايا عدة تتصدرها البدائل الممكنة لجزائر تسابق الزمن في سبيل التحرر من التبعية للمحروقات وتداعياتها الخطيرة على استقلالية القرار السياسي والسيادة، إن الاقتصاديات الحديثة تعتمد كليا على المعرفة وتعلي شأنها على الحسابات، مؤكدا استحالة الحركية التنموية في غياب هذا المعطى الثابت.
وهنا يعود بنا الأمر إلى العلاقة بين المؤسسة الاقتصادية والجامعة التي باتت من أهم العلاقات الاقتصادية الحديثة. وبمعنى أدق بات حضور الخبراء من أهم العوامل لبناء استراتيجيات الدولة اقتصديا.
الدولة التي تهمش الخبراء ودورهم المعرفي في بناء استراتيجيات لا تصل إلى المبتغى وتخطئ الأهداف المسطرة  لأنها لم تضع في الحسبان رأي المختص والخبير ولم تعره أي اهتمام واعتبار. على هذا الأساس تظهر مؤشرات التطور والنمو وتتباين المعطيات والأرقام. وتحدث الفوارق بين دولة متقدمة معتمدة على أهل العلم إلى أبعد الحدود مبجلة لهم واضعة إياهم نصب الأعين مستمعة لهم آخذة برؤاهم وتحذيراتهم ودولة متخلفة تعادي هذا التوجه ويضع أصحاب القرار أهل العلم والمعرفة في درجة ثانية يستمع إليهم ولا تطبق آرائهم بالضرورة.
هنا يتوقف الخبير الاقتصادي حشماوي ويقول بمرارة عن هذه المفارقات العجيبة: «للأسف أن البلدان التي تسمى بالنامية، المتخلفة وهي أسماء متغيرة ومفاهيم تتغير لا تعتمد كثيرا على رأي الخبراء ولا تهتم بالباحثين. تستمع لهؤلاء أحيانا ولا تفعل ما يقولون. والسبب طغيان العوامل السياسية على الاقتصادية. الخبير يعتني بالاقتصاد، يضع أهدافا واضحة وآليات لتحقيقها. ولأن بعض الاستراتيجيات الجيدة تؤدي إلى إعادة توزيع أدوار الفاعلين الاقتصاديين والدخل، فإنها تجد مقاومة من أطراف تعمل ما في المقدرة على إفشالها وإلغائها».
حول مدى الاهتمام بالخبراء في الظرف الصعب الذي تعيشه الجزائر وحتمية اعتمادها على بدائل أخرى للمحروقات، أكد البروفيسور حشماوي أن هناك لقاءات تمت بين الاقتصاديين ورجال السياسة، وقدمت اقتراحات وتوصيات لكن قلما تجسد وتضع في الحسبان لأن الأطراف ذات الصلة بهذا التوجه أو الاستراتيجية تقاوم وتعرقل. وهنا تظهر هيمنة السياسي على الاقتصادي في القرارات الاقتصادية التي كثيرا ما تحمل حلولا آنية لتعقيدات كبرى.
عكس هذا المعطى المعاش، في الدول التي تعرف نموا متسارعا وتخوض معارك يومية من أجل الإبقاء على حركية التطور وتجاوز أي اهتزاز أو خطوة إلى الخلف، تعطي الاقتصادي كل قيمة ووزن .وتضع خطوط فاصلة بين الطرفين وتعتمد استقلالية دون خوف أو حرج ولا عقدة نقص.السياسي هنا يؤطر السياسة الاقتصادية يضع لها قوانين والقرار النهائي الفاصل والحاسم يتخذ من الاقتصادي بصفته المدرك للأشياء، التوقعات والحلول الممكنة.
إنها القاعدة المقدسة المتبعة في دول تضع في الحسبان هذه الرؤية وتفرض استمراريتها مقتنعة حد الثمالة أن الاقتصادي الحلقة الأقوى في كل عملية إنماء وبناء.هو البوصلة التي يرجع إليها وقت الشدائد باعتبارها مخرج النجاة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024