أصبحت الحرائق المتكررة للغابات تهدد بشكل خطير الغطاء النباتي في بلادنا خاصة و ان الجزائر على غرار دول شمال القارة الافريقية مهددة بظاهرة التصحر و زحف الرمال التي أصبحت تتقدم نحو الشمال على حساب المساحات الخضراء التي أخذت تنحسر بشكل لافت و هذا ما دفع بالجزائر في سبعينيات القرن الماضي اطلاق مشروع السد الاخضر الطموح المتمثل في اقامة حزام من الاشجار الغابية لاحتواء زحف الرمال، الا أن الظروف الاستثنائية التي مرت بها بلادنا سنوات التسعينات و انشغال الجيش الوطني بالحرب على الإرهاب بصفته كان رأس حربة في انجاز السد الأخضر جعل استكمال هذا الأخير يتوقف و ما أنجز منه لم يلق العناية و المتابعة اللازمة يضاف الى كل ذلك تحول الكثير من أشجاره الى لقمة سائغة لقطعان المواشي و الماعز التي أتت على الكثير منها و هذا بسبب غياب الوعي و التوعية بجدوى هذا المشروع الاستراتيجي.
ان هذا المشهد جعل الغطاء الغابي و النباتي في بلادنا يواجه جبهتين، فمن جهة زحف الرمال و اتساع رقعة التصحر و من الناحية الثانية الحرائق التي أتت بدورها على ملايين الهكتارات و أصبحت تهدد بالتهام المحميات الطبيعية نفسها كالشريعة و غيرها هذه السنوات الأخيرة و هذا بسبب اجتماع العديد من الأسباب لعل من أهمها عدم اتخاذ المصالح المعنية التدابير و التقنيات المعروفة التي تمنع اشتعال النيران و تقلل من انتشارها و عدم فتح مسالك تسهل عمليات الإطفاء و التدخل من طرف مصالح الحماية المدنية و اقتقار هذه الأخيرة إلى الإمكانيات اللازمة لمواجهة الحرائق و محاصرتها بسرعة كالطائرات ...الخ ، و الأخطر من كل ذلك هي الدوافع الإجرامية لهذه الحرائق التي يبدو أنها أصبحت السبب الرئيسي القبض على عناصر إجرامية متهمة بإضرام حرائق أو بصدد اشعالها خدمة لعصابات الفحم ، الخشب ، الفلين... الخ أو طمعا في الحصول على التعويض الحكومي ، أثبتت في الوقت نفسه أن الحديث عن الحرائق الاجرامية ذلك لم يكن مجرد كلام مقاهي و شبكات التوصل الاجتماعي و لكن حقيقة تم التؤكد منها و أثبتت أن كل ما روج حول إشعال عناصر الجيش الوطني للشعبي للغابات في إطار مكافحة الإرهاب لم تكن الا إشاعات و أكاذيب باطلة هدفها واضح و هو بث الارتباك و عرقلة عمليات تدخل مصالح الغابات و الحماية المدنية لإخماد النيران لأن الأطراف التي تقف وراء هذه الإشاعات من فائدتها اتساع رقعة الحرائق لتتسع معها عائداتها المالية ؟ !.
أن أهمية المساحات الغابية ازدادت بشكل لافت بسبب التقلبات المناخية و الاحتباس الحراري و حمايتها تدخل في صميم أمننا الوطني و بالتالي فان المساس بهذه الثروة يعني المساس بأمن البلاد مثله مثل الاعتداء على أبار النفط و الغاز بالجنوب و بالتالي فان هذا يتطلب وضع إستراتيجية وطنية لحماية الغابات و الغطاء النباتي تكون مشفوعة بترسانة تشريعية و قانونية تجرم المساس بهذه الثروة .