«الجزائر في وجداننا، حياتنا، نضالنا واستراتيجيتنا الأبدية في معركة الصمود والتحرر. وقفت إلى جانبنا وهي تخوض حربا تحريرية ولا زالت على الدرب سائرة جاهزة لدفع الثمن»، هي كلمات مؤثرة ذات دلالة ومعنى أدلى بها سفير دولة فلسطين عيسى لؤي من منبر «ضيف الشعب» مقدما أدق التفاصيل عن المواجهة المفتوحة مع عدو يجد السند والدعم اللامشروط من الغرب، متخذا من ضعف المحيط العربي الإسلامي، شرخه وتناقضاته وصراعاته الهامشية قوة له.
غاص لؤي ببلاغة سياسية ورؤية تحليلية في الواقع الثابت والمتغير الذي يعيشه الفلسطيني، الذي لم يستسلم لليأس والمؤامرة، مبتكرا في كل مرة أسلوب نضال وفكر مقاومة، مكسّرا به التعتيم السياسي الإعلامي وحصارات الأشقاء قبل الأعداء، معيدا إلى الأذهان ما ظل يردده الفقيد أبوعمار القائد الرمز «إن الفلسطيني كطائر الفينيق الأسطوري الذي ينهض من الرماد».
بهذه الطريقة المبتكرة لأساليب النضال الفلسطيني المستمد من تجارب الآخرين مضيفا إليه خصوصية وذاتية، ذهب الفلسطيني إلى الأبعد في الصراع مرافعا لمشروعه الوطني، رافضا أن يبقى ورقة ابتزاز في يد أيّ طرف أو قوى، وفيّا لأسس المعادلة الثابتة والمقولات الشهيرة: «لا صوت يعلو على فلسطين».
إنها معادلة ساهمت الجزائر في استقرار أعمدتها وصلابة قيمها وتوازنها غير القابل للاختلال والاهتزاز. الجزائر التي كثيرا ما توقف عندها السفير عيسى، مؤكدا أن ما أكدته ولازالت بلاد المليون ونصف المليون شهيد لقضية العرب والمسلمين الأولى أكبر من أن يختزل في عبارات وأقوال.
الجزائر في مكونات وجدانية الفلسطينيين، فكرهم ووجدانهم متشبعان بثورتها النوفمبرية، منطلقين أفرادا وجماعات في انتفاضات تعددت مناهجها وأساليبها، لكن تتفق على هدف واحد: إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس.
انتفاضة الأقصى الأخيرة تعد الشاهد الحي والدليل القاطع على غيرة الفلسطيني وتجاوزه للانقسامات الداخلية والقرار المشتت ولو مرحليا من أجل حمل الأمانة وعدم الاستسلام وفرض الوجود في خارطة جيواستراتيجية إقليمية يعاد ترتيب أوراقها ويحاول شطب بعض الثوابت منها، غايته فرض الوجود بعيدا عن التباين والتناقضات، مراهنا على ضميره الحي وقلبه النابض ورؤيته الاستشرافية للصراع التي تعطيه جاهزية لأي طارئ ومؤامرة.
