إن توجه الدولة نحو خيار دعم تصدير المنتوج الوطني إلى الخارج ضمن مسار أكبر يتمتل في تنويع الاقتصاد الوطني على سبيل التخلص تدريجيا من التبعية للمحروقات و الاعتماد عليها بشكل كامل يحتم عليها مرافقة هذا التوجه بحزمة من الإجراءات ل تسهيل عملية التصدير إلى الخارج و لكن و كما هو معروف لا يفرض المنتوج الجزائري نفسه في أسواق عالمية محتدمة المنافسة الا بتوفر بعض العوامل الأساسية و الضرورية أهمها أن يكون هذا الأخير ذو جودة و بأسعار تنافسية يضاف إلى ذلك القدرة على الاستجابة المستمرة للطلب الداخلي و الخارجي .
من المبكر القول أن الدولة وفرت كل الظروف المواتية للتصدير فلا تزال العراقيل البيروقراطية و الوثائق الإدارية عملية تثقل كاهل المصدرين و في كل التخصصات و لا تزال عملية الاستيراد أسهل بكثير من التصدير و أرباحها أعظم و لكن لا ينفي كل هذا وجود مؤشرات ايجابية على تشجيع المنتوج الوطني و تشجيع تصديره إلى الخارج فالدولة قدمت الكثير من التحفيزات في هذا الاتجاه على غرار الإعفاءات الضريبية و تخفيف إجراءات الجمركة و التقليل من الاستيراد و غيرها من الحوافز المشجعة و التي بفضلها بدأت عملية محتشمة لبعث الصناعة و المنتوج الوطنيين و اللافت أن صناعة المعجنات الغذائية و الألبان و مشتقاتها و كذا المشروبات بمختلف انواعها...الخ كانت من بين الشعب التي ازدهرت بشكل لافت و أصبح جزء منها يوجه إلى الخارج و يعود على الخزينة العمومية بالعملة الصعبة و هذا شيء يبدو ايجابيا للوهلة الأولى و لكن التساؤل المطروح هل المداخيل المحصلة من تصدير هذه المنتوجات تغطي تكلفتها الحقيقية؟ اذا أخذنا في الحسبان أنها منتوجات تتدخل في صناعتها مواد مدعمة تكلف الخزينة العمومية الملايير من الدولارات لدعم قوت الجزائريين فهل يعقل أن تستفيد شعوب أخرى من هذا الدعم بطريقة غير مباشرة بدعوى التصدير الى الخارج؟
ان توجه الحكومة نحو منع تصدير المنتوجات التي تدخل في صناعتها مواد مدعمة الذي أقره المجلس الوزاري المشترك برئاسة الوزير الاول عبد المجيد تبون هي أولى الخطوات الجدية نحو ترشيد الدعم الحكومي و ضمان وصوله إلى مستحقيه لأن سياسة الدعم للجميع يجب أن يعاد فيها النظر.