المنعرج

سعيد بن عياد
25 جويلية 2017

لا تزال الصناعة التحويلية الفلاحية محدودة المجال في السوق وبالرغم من التحسن الذي تسجله بعض المنتجات الزراعية مثل الطماطم والكروم والخضر المختلفة، إلا أن الاستثمارات في الصناعة التحويلية لا تزال متأخرة فيما يميل الكثيرون من المتعاملين للاستثمار في بناء معامل لإنتاج المشروبات والعصائر التي ترتكز على مواد أولية مستوردة وأحيانا مدعمة من الدولة، مثل السكر.
حققت الطماطم الصناعية هذه السنة، كما هو الحال في سكيكدة، وغيرها من ولايات الناحية الشرقية من البلاد أرقاما قياسية في الإنتاج والنوعية، إلا أن الفلاحين اصطدموا مرة أخرى أمام ضعف طاقة التحويل، حيث أصبحت المعامل التي تعد على الأصابع محاصرة من شاحنات وجرارات تحمل الفاكهة الحمراء التي تتعرض للتّلف، مما يسبب للمنتجين خسائر ويضيع الاقتصاد منعرج التحول.
لكن من المسؤول عن اختلاط المشهد الاستثماري في ظل رصد تضخم للمشاريع في مجالات وافتقار لأخرى في مجالات ناشئة يمكنها أن تكون أرضية لتأسيس مرتكزات مرحلة النمو والتوجه إلى التصدير؟
بطبيعة الحال يترتب عن غياب مخطط للاستثمار يكون مطابقا لمؤشرات النموذج الجديد للنمو كل هذا التداخل وضياع الفرص، وإلا لماذا لم تبادر الجهات المكلفة محليا ومركزيا بوضع لوحة قيادة الاستثمار تتضمن معالم الاحتياجات والقدرات وتأطير المتعاملين في اختيار المشاريع التي تحتاج إليها المنظومة الاقتصادية وفقا للتوجهات الجديدة التي تشير إلى التحرر من التبعية العضوية للمحروقات والحد من الاستيراد بتعويضه بالتصدير.
لا يمكن طي ملف الصناعة التحويلية بحلول موسم الحرث والبذر ليعود مسلسل الخيبات العام القادم، إنما المطلوب أن تنخرط الجهات والمؤسسات مدعومة بالخبراء وإشراك أصحاب المشاريع في ديناميكية بناء قاعدة للصناعة التحويلية لتشمل كل المواد الفلاحية التي تنتجها البلاد وهي كثيرة ويمكن مضاعفتها إذا تحلى الشركاء في الميدان والمكاتب بالوطنية الاقتصادية التي لم تتوقف الدولة عن الإلحاح عليها لترسيخها في الأذهان.
 حتى يتم الإمساك بخيوط الاستثمار وتوجيهه نحو بوصلة النمو أصبح ضروريا إعادة ضبط المشهد ضمن الخيارات الإستراتيجية التي تم تسطيرها وأعلنها الوزير الأول أمام البرلمان لتجاوز المرحلة الصعبة دون إخلال بالتوازنات الكلية أو تعريض مكاسب التنمية للضرر، لا مجال سوى لاعتماد وصفة علاج ذكية وصارمة تسمح بتخصيص الدعم للمشاريع التي تتطابق مع احتياجات الاقتصاد وكسر شوكة احتكار الصناعة الغذائية بتوسيع نطاق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بدل الرهان على المركبات الضخمة التي تبتلع رأس مال وفائدة المجموعة الوطنية.
ولعلّ إعادة تصويب مهام الولاة كما أعلنه وزير الداخلية في اللقاء الأخير بنادي الصنوبر، داعيا إياهم إلى حمل بذلة المقاول والمستثمر والبناء ورئيس المشروع بمعنى الانتشار في الساحة أكثر من الجلوس في المكاتب، هي الخطوة الأولى لرفع تحدي التحول الاقتصادي الشامل بدءا من الصناعة التحويلية ومن بوابة الطماطم بالذات. لكن هل يقبل معشر «حركى الاقتصاد الجدد» ممن تعطلت مصالحهم المرتبطة بشركات أجنبية واقتصادات بلدان ترى في نمو الجزائر ضياع سوق دسمة أم المعركة سوف تحتدم لينتصر فيها الاقتصاد الوطني، فمرحبا بمعركة يتوقف عليها مستقبل بلد بأكمله.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024