تجربة الجزائر الرائدة في مكافحة ظاهرة الإرهاب، جعلت منها اليوم محط اهتمام العالم عموما، والمنطقة على وجه التحديد، منطقة تشهد نزاعات وبؤر توتر، وانتشار المتاجرة بالمخدرات والتهريب، التي شكلت فضاء خصبا لانتشار وتغذية الإرهاب، الذي يهدد أمن واستقرار الدول، والسبيل إلى ذلك الهجرة غير الشرعية التي أخذت أبعادا خطيرة.
التدفق الكبير للمهاجرين غير الشرعيين، وبطريقة غير مسبوقة لم يمر دون لفت انتباه السلطات، أمر منطقي عندما يتبين بأن هؤلاء قطعوا مئات الكيلومترات، لا تقل في بعض الأحيان عن 1500 كلم كلها صحاري، يستحيل عليهم القيام بذلك دون دعم وتنظيم محكم، هذا الطرح يفرض التساؤل عن من يقف وراء هذه الهجرة وعن الأسباب، إشكالية توقف عندها وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل خلال الورشة الدولية الرابعة التي اختتمت أشغالها أمس بالجزائر.
الجزائر اليوم اتخذت موقفا، والأهم من ذلك جددت تأكيد الخطوط الحمراء التي لا يجب لأي كان تجاوزها، من خلال رسالة واضحة وغير قابلة للتأويل مفادها أنه عندما يتعلق الأمر بـ «السيادة»، و»الأمن الوطني»، فإنها «لا تتلقى دروسا من أي أحد «، لا من منظمات غير حكومية من الخارج أو من الداخل، ولا حتى من قبل الطبقة السياسية.
وبالنسبة للوزير عبد القادر مساهل فان الأمر لا يعدو أن يكون مجرد «مواقف لا تلزم إلا أصحابها».
الجزائر التي تتعامل بحكمة كبيرة مع المستجدات من نزاعات في المنطقة، وما ترتب عنها من تحديات تقتضي التحلي بأقصى درجات اليقظة، وانطلاقا من مبادئها الراسخة وفي مقدمتها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، و تغليب مبدأ الحوار الداخلي دونما أقصاء، على اعتبار أن الحل لن يكون إلا سياسيا لاستتباب الاستقرار في المنطقة، تعالج كل المسائل بتبصر كبير لأنه لا مجال لأي خطوة غير محسوبة، لاسيما وأن المنطقة عرضة للأخطار.
وقد تأكد أن المواقف الثابتة والمبادئ الراسخة لم تحد عنها الجزائر، هي الأنجع وغيرها من الخيارات لم تزد الوضع إلا تعقيدا، جعلت العديد من الدول تشاطر الجزائر في أن الحوار وحده الكفيل بإيجاد الحلول، كما أن التهديدات والتحديات في المنطقة، لاسيما بعدما تأكد وقوف شبكات المافيا والجريمة المنظمة وراءها، تقتضي من الجزائر الحيطة أكثر من أي وقت مضى.
