التجربة الجزائرية محل الاهتمام

الإرهاب.. من الهزيمة العسكرية إلى الانهيار الإيديولوجي

أمين بلعمري
09 جويلية 2017

إن تحول التجربة الجزائرية إلى مرجعية دولية في مكافحة الإرهاب لم يأت من فراغ، فالطريقة الفريدة التي تكيف بها الجيش الوطني الشعبي والأسلاك الأمنية في حربهم اللاتناظرية على الجماعات الإرهابية جعلت منها نموذجا في المجال، وهي التي استطاعت أن تنتصر على الظاهرة الإرهابية لوحدها وليت الأمر اقتصر على عدم مد يد العون، بل إن الكثير من الأطراف راهنت على انهيار الدولة الجزائرية وتفكك جيشها إلا أن العكس هو الذي حصل وخرجت الجزائر من الهجمة الإرهابية منتصرة وأقوى من أي وقت مضى بفضل تراكمات وخبرات حصلتها بعد عقدين من مكافحة الظاهرة.
إن هذه التجربة منحت الجزائر نضجا أكبر في مواجهة الظاهرة والتعاطي معها حيث أنها كانت من أوائل الدول التي فهمت أن الأدوات الصلبة (المقاربة العسكرية البحتة) وحدها غير كافية للقضاء على شأفة الإرهاب بشكل نهائي لأن ذلك يحتاج إلى تجفيف كل منابع الإرهاب وعلى رأسها المنابع الفكرية لأن الإرهاب قبل أن يتحول إلى فعل مادي يكون مجرد فكرة تنمو وتتطور وبالتالي كان لا بد من مكافحة التطرف باعتباره الحلقة المنتجة للإرهاب و يجدر التذكير هنا بما قاله الرئيس السابق لأركان الجيش الوطني الشعبي الفريق محمد العماري -رحمه الله-  في إحدى التصريحات التلفزيونية عندما قال بأن «الإرهاب انهزم ولكن التطرف مازال على ما يرام» هذا التصريح الذي مرت عليه 14 سنة يثبت أن الدولة الجزائرية كان لديها بعد نظر مكنها من التفطن باكرا إلى أن القضاء على الإرهاب يتطلب إستراتيجية مدمجة وشاملة تستعمل فيها الأساليب الصلبة والناعمة معا وينخرط فيها جميع الفاعلين أي أن المواجهة مع الإرهاب لا تقتصر على الجيش والمصالح الأمنية فقط بل يجب أن تكون معركة مجتمع، معركة شعب، معركة أمة، حينها فقط يندثر الإرهاب بتلاشيه كفكرة من عقول وأذهان الناس.
بينت عمليات سبر الآراء المختلفة أن نسبة الجزائريين الذين التحقوا بداعش وبمختلف التنظيمات الإرهابية في بؤر التوتر مثل ليبيا، سوريا والعراق ضئيلة جدا مقارنة بجيراننا في المغرب و تونس، كما أكدت تقارير عديدة أن الجزائر شكلت حالة استثنائية في العالمين العربي والإسلامي من حيث التحاق مواطنيها بالتنظيمات الإرهابية وهذا ما يثبت أن الجزائر لم تنتصر على الإرهاب عسكريا فقط ولكن انتصرت عليه فكريا وهناك مؤشرات واضحة على ذلك، ففي الوقت الذي لم نعد نسمع فيه عن التحاق شباب جدد بالجماعات الإرهابية في الجبال أصبحنا نسجل تزايد عدد الإرهابيين الذين يسلمون أنفسهم وبين أيديهم سلاح و خزانات ذخيرة مملوءة وهذا ما يثبت أن العقيدة الإرهابية التي كانت تتحكم وتوجه تصرفات هؤلاء اندثرت وأصبحت منعدمة الصلاحية في عقر دارها فما بالك بقدرتها على تجنيد عناصر جدد أو التأثير عليهم ؟

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024