أعطى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة تعليمات صارمة تستدعي الاتباع من اجل تجاوز ظرف مالي صعب وتقلبات اقتصادية جديرة بالعلاج ببعد النظر ورؤية استشرافية .
حرص الرئيس في رسالته بمناسبة ذكرى استعادة السيادة الى التذكير بما حذر منه في مختلف المناسبات بوجوب اخذ في الحسبان التحولات الطارئة والتهديدات والتقلبات بجدية وروح المسؤولية تجنبا لما لا يحمد عقباه ، مشددا على التجند الدائم لمواصلة جهود الاصلاحات والبحث عن بدائل حلول بقرار سيادي يؤمن استقلالية التوجه الوطني ويجنب البلاد املاءات الاخر وتهديداته ووصفاته التي كثيرا ما تكون مضرة للخيارات والتوجهات.
لا زالت التجربة المرة مع مؤسسات برتون وودز واتفاق ستاند باي مع الافامي جاثمة أمام الاعين وتداعياتها مرسخة في الضمير الحي والذاكرة الجماعية. وهي تجربة تمكنت الجزائر من الخروج منها بأقصر مسافة وتحد بفضل الرؤية السديدة لرئيس الجمهورية وقراراته التاريخية في تسديد المديونية وفق رزنامة محددة ازالت عن البلاد كابوسا مفزعا.
وهذه الصورة الماثلة امام الاعين هي التي يحذر الرئيس من اعادتها وتكرار تجربة قاسية خرجت منها البلاد بأقصى درجة من الصبر والمعاناة. لهذا كان الرئيس حريصا دوما على اتباع نهج الاصلاحات بروح التجدد والتقويم اعتمادا على قرارات ذاتية المنبع والمضمون تسد اية فجوة اختراق وتهديد من اي قوة كانت.
وسبق للرئيس بوتفليقة في محطات كثيرة ان شدد على هذا الخيار الذي يجسد بتقاسم وظيفي وتحديد المسؤوليات والأتعاب بعيدا عن قاعدة «تخطي راسي» او «انا وبعدي الطوفان» . وكان هذا التوجه الكلامي نحو قمم الثلاثية داعيا الشركاء العمل اليد في اليد في سبيل الدفع بالاقتصاد الوطني نحو التوسع والتنوع باستعادة القاعدة الصناعية التي صنعت مجد الجزائر وانتصاراتها في مراحل عدة من مسار الاستقلال الوطني قبل ان تسقط في متاهة اعادة الهيكلة الطويلة التي لم تنته ، محطمة ايام الانهيارات النفطية في منتصف الثمانينيات قبل ان تتدارك بفضل سياسات الاصلاح والتقويم التي بادر بها رئيس الجمهورية مفاجئا من كانوا يتوقعون انهيارات واخفاقات لجزائر التحدي والرهانات.
هذه السياسة التي تعد مخرج النجاة الى بر الامان هي التي يجب ان تتواصل وتستمر في ظل التراجع المخيف لأسعار المحروقات والصراع الدولي المفتوح على كل الاخطار. انها المسار الحتمي الواجب سلوكه من جزائر نريدها ان تتخذ من الازمة الراهنة محطة فاصلة للوثبة نحو الاقلاع اعتمادا على مدخراتها وإمكانياتها التي توفر لها بحق مناخ الاعمال والاستثمار والحركية لتكون قوة ناشئة متعددة المصادر والدخل بعيدا عن التبعية المفرطة للبرميل وما يحمله من اخطار تهدد السيادة التي استرجعت بشق الانفس وتضحيات لا تنسى..