لم تنفع المشاريع السكنية الكبرى التي استفادت منها العاصمة في تحقيق التوازن بين مختلف جهات «البهجة» حيث يبقى الاختلال قائما في ظل بقاء كبرى الهيئات والإدارات في قلب العاصمة وهو ما يخلق الكثير من الازدحام الذي يبقى أحد أكبر النقاط السوداء التي تجعلها إحدى أسوا العواصم في العالم حسب مختلف التصنيفات.
لقد عرفت العاصمة منذ سنوات حركة توسعية كبيرة حيث نمت الكثير من المدن عبر ضواحي العاصمة شرقا وغربا وجنوبا، ولكن غياب مخطط عمراني مبني على أسس سليمة يراعي نظرة استشرافية وراء عدم القدرة على التحكم في التوزيع الجغرافي والعمراني.
وارتفعت الكثير من الأصوات منذ بداية القرن الحالي تدعو لإخراج كبرى الهيئات والمنشآت خارج العاصمة على غرار البرلمان بغرفتيه، وعديد البنوك ووكالات التأمين التي تحتل أجزاء كبيرة من قلب العاصمة، وتتطلب مساحات واسعة جدا لضمان ركن الموظفين والعمال لسياراتهم، كما أن المستشفيات لم يعد بإمكانها مقاومة زحمة المدينة، وتوسع حظيرة السيارات التي فاق عددها 6 ملايين سيارة عبر الوطن نسبة كبيرة منها في العاصمة.
ومن المشاريع الكبرى التي ستجعل «البيضاء» تتنفس ميناء الحمدانية الذي سيضم 23 رصيفا بطاقة معالجة سنوية بـ 6.5 ملايين حاوية، ناهيك عن توفره على 2000 هكتار لاستقبال المشاريع الصناعية.
وتشير التوقعات إلى استكمال الشطر الأول من الميناء في 2021 على أن يتم استلامه نهائيا في 2026 وبتكلفة 3.3 مليار دولار.
وسيخصص ميناء العاصمة لتطوير حركة نقل الأشخاص من خلال توسيعه في ظل تواجد رصيف واحد مخصص للمسافرين منذ الحقبة الاستعمارية وهو الذي وقف دون توسعته بالنظر للضغط الكبير وعدم تواجد أوعية عقارية كافية للرقي به إلى مصاف الموانئ المتوسطية المتطورة على غرار موانئ برشلونة ومرسيليا.
ومن المنتظر أن يساهم هذا المشروع الذي سينجز بالشراكة مع الصينيين بقاعدة 51/49 في التقليص من الاختناق المروري ودخول شاحنات الوزن الثقيل للعاصمة حيث تشكل يوميا طوابير طويلة في نهج جيش التحرير الوطني والطريق الوطني رقم 5.
ويبقى تقريب أماكن العمل من الموظفين الذين استفادوا من مختلف صيغ السكنات أمرا مهما جدا لرد الاعتبار لوسائل النقل الجماعي وتخليص المواطن من جحيم الحافلات وكابوس الازدحام.
ورغم الاستنجاد بمكتب دراسات إسباني لوضع مخطط تنظيم حركة المرور يبقى تحديث العاصمة أكثر من ضرورة من خلال إعادة ترميم السكنات القديمة وخاصة القصبة، وإعادة بعث القطاع الخدماتي وخاصة الفنادق والمساحات التجارية الكبرى، واستغلال كل المساحات الخضراء والحدائق العمومية والقضاء على السوق الموازي وتحفيز التجار على العمل ليلا كلها عوامل سترتقي بالعاصمة مستقبلا وتجعلها إحدى أهم عواصم المتوسط.