كشف مخطط عمل الحكومة المصادق عليه من قبل مجلس الوزراء عن خارطة طريق غايتها تعزيز الصرح الديمقراطي، الحريات والحقوق الأساسية، رشادة الحكم والتداول على السلطة. وهي مسائل حظيت بالاهتمام من قبل رئيس الجمهورية الذي وعد بمواصلة مسعى بناء المؤسسات في جزائر تواجه تحديات تفرض نجاعة التسيير والتنظيم والرؤية الاستشرافية التي تعرض الحلول لمشاكل وتعقيدات قبل وقوعها واستفحالها وما تحدثه من تداعيات الطوارئ والاستنفار.
رافع الرئيس في مختلف المناسبات من أجل هذا التوجه الذي يفرض على الهيئات تنفيذية وتشريعية ومؤسسات الانخراط في مسعى تعزيز الديمقراطية ودولة الحق والقانون المتضمن في ورشات الإصلاحات السياسية والقضائية التي كانت على الدوام في صلب البرنامج الرئاسي المشدد على هذه الحركية والعصرنة لخدمة المواطن والمتقاضي وتأطير الحياة العامة داخل المجتمع.
انصبت المشاورات حول المراجعة الدستورية 2016 مع مختلف التشكيلات السياسية وممثلي المجتمع المدني والشخصيات الوطنية على هذا الجانب باعتباره يؤسس للحكم الراشد ويرسخ للثقة والمصداقية في المؤسسات العدلية والقضائية وغيرها من المؤسسات الأخرى التي تقوى صرح الدولة وتؤمنها من أي اهتزاز واضطراب في محيط إقليمي ودولي متغير .
انصبت توجيهات رئيس الجمهورية وتعليماته على دعم سلطة القضاء ومنحه الاستقلالية والصلاحية التي تسمح للقاضي أن يؤدي وظيفته باقتدار ويصدر أحكاما محتكما للقانون ونقاء الضمير وأخلاقيات المهنة دون خشية أحد أو لومة لائم.
وكانت هذه التعليمات يصدرها الرئيس في افتتاح السنة القضائية بالخصوص داعيا منذ 1999 إلى تفعيل دور القضاء وتحسين أدائه من خلال تكوين جيد للقضاة وتمكينهم من إدارة الجلسات والمرافعات بروح معرفية عالية لا تسمح بالخلل ولا تفتح فجوات وانحرافات وظلما.
ها هو دستور 2016 يأتي معززا بأحكام ومواد تشدد على هذا المعطى الثابت والقاعدة المقدسة،مؤكدا على جدوى مواصلة تفعيل الأداء القضائي بالفصل في المنازعات في آجال معقولة تجعل المواطن يثق أكثر في عدالته ويحترمها.
ما يقال عن العدالة يصلح للمؤسسات الأخرى التي طالبها الرئيس بفتح قنوات الحوار مع عامة الناس والاستماع لانشغالاتهم والتكفل بهمومهم وإشراكهم في البرامج والمشاريع دون النظر إليهم مجرد وعاء انتخابي. هذه النظرة التي تضع المواطن في صلب المعادلة الوطنية صمام أمان للجبهة الداخلية وحصانة الجزائر من أحداث وتوترات ومشاهد إنسانية في أكثر من دولة وفضاء جغرافي سياسي عمته حروب وتناحر ودمار بتسميات متعددة وفق أجندات خارجية غايتها تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ.