تمتلك الجزائر مخزونا ثقافيا زاخرا و متنوعا متعدد الأعماق بداية من العربي -الأمازيغي - الإفريقي وصولا إلى العمق الإسلامي و شساعة المساحة الجغرافية لبلادنا أنتجت شساعة ثقافية أهلتها لتكون نموذجا للحوار و التعايش و ازدهار ثقافة القبول بالأخر و يمكنك اكتشاف حجم ذلك من خلال الفسيفساء الموسيقية الموجودة في بلادنا من حيث الطبوع الموسيقية و الكلمات المستعملة.
غنى الجزائر بتراثها و مخزونها الثقافي جعل هذا الأخير محط أنظار جيرانها و زاد من أطماعهم الرامية إلى السطو على أجزاء أصيلة من تراثنا و ثقافتنا و محاولة تقديمه على أنه غير جزائري كما يفعل الأشقاء في المغرب عبر محاولات متعددة و متكررة للسطو على أجزاء من تراثنا و إلحاقها برصيدهم التراثي و تصنيفها في خانة العلامات المغربية المسجلة في حين أنها ميراث جزائري خالص متوارث أبا عن جد دون أن يتنافى هذا مع أدبيات التراث المشترك الذي تتقاسمه الشعوب المغاربية و لكن دون المساس بخصوصية كل بلد في المنطقة بل احترام هذه الخصوصية و الحفاظ عليها و ليس محاولة السطو و سياسات تغيير الأنساب كما فعل جيراننا مع القفطان الجزائري و محاولات الاستيلاء عليه و نسبته إلى لمغرب و كذا مختلف الطبوع الغنائية مثل الشعبي و الراي ...الخ و هي كلها ممارسات تتنافى تماما مع الفعل الثقافي و الأمانة العلمية و الثقافية التي تحرم السطو على أملاك الغير.
إن هذه المعطيات تؤكد أن مخزوننا الثقافي مهدد بشكل كبير و هذا ما يحتم على الدولة الجزائرية أن تجعل حماية التراث الوطني من عمليات النصب و الاحتيال كحماية المعادن النفيسة لأن التراث هو الثروة الحقيقية و الحصن الذي يمكنه أن يصد كل الهجمات الجهنمية التي يبحث أصحابها عن أي مدخل لتنفيذ أجندات التفتيت و التجزئة التي نراها اليوم تشتغل في دول جارة و أخرى قريبة منا من خلال إيقاظ المتناقضات و النفخ في الاختلافات و تحويلها خلافات و عندما يتم استنفاد المخزون الثقافي أو تضعييه تضيع بوصلة الشعوب و تدخل في نفق التيه الثقافي و الهوّياتي و هذه هي بداية النهاية .