يحاول بعض المضاربين التّأثير على أسعار الخضر بأسواق الجملة بإعادة قيمة المنتوج الفلاحي إلى السّقف الذي يرونه مناسبا لهم كما دأبوا على ذلك خلال السّنوات الفارطة، وعدم اقتناعهم بما يباع به حاليا، خاصة المواد التي تستهلك يوميا ويكون الطّلب مرتفعا عليها.
ويسجّل الخضارون أصحاب المحلات في الأحياء أو الذين يستعملون الشّاحنات الصّغيرة للبيع القاصدين هذه الفضاءات سعي المحتكرين الذين يشترون مساحات كاملة من المنتوج الجاهز لتغيير توجه الأسعار الحالية لرفعها إلى مستويات أكثر ممّا هي عليه اليوم، لتتجاوز حد ١٠٠ دينار على الأقل للكيلوغرام الواحد، حتى لا تبقى الأوضاع سائرة على نحو الإستقرار الذي ارتاح له المواطن قبل بداية رمضان بقليل.
وإن طرأ أي تغيير في اتجاهات السوق، هذا يعني بأن أيدي هؤلاء ما تزال تحرّك ما يحلو لها، ونعني بذلك تحكّمها في سيرورة الأسعار خاصة، وهذا ما يهم الناس في الوقت الحاضر وستعطي فرصة سانحة للبائعين بالتفصيل إلى فرض منطقهم بقوة على المواطن القاصد للسوق للنظر بدلا من الشراء، وهذا ما ظل يعاني منه لسنوات بسبب التذبذب السائد وعدم القدرة على التدخل لأنّ القاعدة تحكمها العرض والطلب. هذا ما جعل الكثيرون يستندون إلى هذه الحجة غير المبررة، ولسان حالهم يردّد «الشي قليل»، بمعنى أن المادة مفقودة في تلك الفضاءات لكنهم تناسوا بأن البعض يهتدون إلى أساليب تجاوزها الزمن وغير أخلاقية بتاتا، وهي تفضيل عدم إدخال البعض من المواد الفلاحية إلى سوق الجملة وإلقاء بها في الطبيعة والمفرغات خوفا من انخفاض قيمتها إلى أقل مما تباع به حاليا، وهذه الطريقة يلجأ إليها الكثير وحتى تركها مرمية في الحقول تمنع على أحد جمعها وإدخالها إلى الأسواق لأن أصحابها لا يرون مردودها المنتظر منها.
هذه الذّهنية المبنية على الربحية ما تزال تراود هؤلاء ليس في إطارها القانوني المعمول به أي أخذ الهامش المتفق عليه، بين كل تلك السلسلة الناشطة في هذا القطاع وإنما يريد البعض منهم أي غير المهنيين الاستفادة بقدر أكبر من المداخيل كونها فرصة لهم من أجل انتفاخ جيوبهم، وهذا هو شغلهم الشاغل. وهناك للأسف من يغادر السوق هذه الأيام ولا يعود إلى غاية ملاحظته بأن الأسعار في المستوى التي يرغب فيها ليضرب ضربته مرة واحدة.
هذا للأسف أثّر تأثير مباشرا على كل المساعي لإعادة تنظيم أسواق الجملة للخضر والفواكه، لا يدري أحد من هؤلاء الذين يأتون باكرا ببضاعتهم هل هم مهنيون أم تجار موسميون أم البزناسية الجدد مغتنمي الفرص؟ لأنه لا تجد فلاحا محترفا في هذه الأماكن كون منتوجه بيع مسبقا لأناس لا علاقة لهم بالفلاحة.
هذه الوفرة الموجودة اليوم في الخضر والفواكه دليل قاطع على أن هناك عملا ينجز على المستوى القاعدي من طرف الفلاحين، بدليل كل هذه الخيرات التي تلاحظ يوميا في الأسواق، وهذا العامل أي الوفرة تؤكد أن هنا عرضا مما يؤدي حتما إلى تقهقر الأسعار إلى المستويات الأدنى، وهذا ما حصل عندنا اليوم غير أن هذه الوتيرة يجب أن تكون قائمة على الإستقرار لتفادي تلك التغيرات من حين لآخر، التي جعلت المستهلك في حيرة من أمره، كل يوم يجد ثمنا معيّنا ممّا يفقده الثّقة في السوق ويقلّل في شرائه إلى مستوى ضعيف أو يهجر الكثير من المواد كما كان الحال بالنسبة لـ «الكوسة» القرعة فيما سبق وحتى الطماطم التي وصلت إلى حد لا يطاق السنة الماضية.